للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمسافر إذا كان سفره في رمضان أن يفطر ويقضي، وكان الجو شديد الحرارة، لم يحتمل الصحابة حره مع إفطارهم، يقول الراوي: (حتى إن كان أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر) ، إلا أنه صلى الله عليه وسلم كان صائما، ولم يكن صائما معه إلا عبد الله بن رواحة رضي الله عنه ومما يؤكد أن صوم هذا اليوم كان فيه مشقة بالغة، أن الصحابة ما استطاعوا أن يصوموه مع حبهم الشديد لموافقة النبي صلى الله عليه وسلم في كل أفعاله وكراهيتهم الشديدة لمخالفته، خاصة في أمر كالصيام.

ج- همته العالية في إحياء العشر الأخيرة من رمضان:

عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شدّ مئزره وأحيا ليله، وأيقظ أهله) «١» .

كان صلى الله عليه وسلم يخص العشر الأخيرة بالاعتكاف الذي فيه اعتزال النساء، وإحياء الليل كله، ويحث صلى الله عليه وسلم أهله على صلاة الليل، والحاصل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العبادة العشر الأخيرة من رمضان، ما لا يجتهد في غيرها، وذلك التماسا لليلة القدر.

د- همته العالية في استدراك ما فاته من العبادات:

عن عائشة رضي الله عنها: (أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا فاتته الصّلاة من اللّيل من وجع أو غيره صلّى من النّهار ثنتي عشرة ركعة) «٢» .

فمع أن صلاة الليل قد فاتت النبي صلى الله عليه وسلم لعذر شرعي، كوجع أو غيره، إلا أنه لم يعذر نفسه صلى الله عليه وسلم فكان يصلي في نهار اليوم التالي اثنتي عشرة ركعة كاملة، وهو ما اعتاده صلى الله عليه وسلم من صلاة الليل، وما كان يفعل ذلك إلا ليدرك ما فاته من الخير، ويبذل كل ما في وسعه لاسترضاء الرب تبارك وتعالى.

وأحب أن ألفت نظر القارئ أن ما ذكرته في هذا الباب ما هو إلا أمثلة على همته العالية صلى الله عليه وسلم وإلا فإن همته صلى الله عليه وسلم كانت عالية في كل أمر من الأمور التي يحبها الله- عز وجل-، كالزكاة والصيام والحج والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصلة الرحم وعيادة المريض وغيره.


(١) البخاري، كتاب: صلاة التراويح، باب: العمل في العشر الأواخر من رمضان برقم (٢٠٢٤) واللفظ له، ومسلم، كتاب: الاعتكاف، باب: الاجتهاد في العشر الأواخر ... ، برقم (١١٧٤) .
(٢) مسلم، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها باب: جامع صلاة الليل ... ، برقم (٧٤٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>