للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منائح، وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبياتهم فيسقيناه) «١» .

الشّاهد في الحديث:

قول عائشة رضي الله عنها: (إن كنا لننظر إلى الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار) .

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

زهده صلى الله عليه وسلم في الدنيا، ومن علامات هذا الزهد:

أ- مرور الشهرين: (ثلاثة أهلة) على جميع بيوت النبي صلى الله عليه وسلم لا يوقد نار لنضج لحم أو طبخ إدام.

ب- اعتماد النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته على أكل الأسودين التمر والماء: والغريب أن ابن حجر «٢» رحمه الله ذكر أن شبع أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم من الأسودين، يمثل الحالة الثانية لهم بعد أن فتح الله عليه قريظة وغيرها، فماذا كانت الحالة الأولى للنبي صلى الله عليه وسلم؟.

ج- لم يكن زهد النبي صلى الله عليه وسلم مقتصرا على الطعام والشراب بل تعدى ذلك ليشمل:

فراشه صلى الله عليه وسلم: لحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على حصير، فجلست، فأدنى عليه إزاره، وليس عليه غيره وإذا الحصير قد أثر في جنبه) «٣» .

متاعه بالبيت: ورد في الحديث المشار إليه أعلاه قول عمر رضي الله عنه: (وإذا أفيق معلق) ، والأفيق: هو الجلد الذي لم يتم دباغه.

لباسه: أوردت في باب إيثاره وجوده صلى الله عليه وسلم واقعة المرأة التي نسجت بردة للنبي صلى الله عليه وسلم وفيه: (فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها) .

والأغرب من كل ما ذكر، أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يزهد في متاع الدنيا من لباس وغذاء وفراش فقط، بل كان يكره أي شيء يذكّره بالدنيا، روت عائشة رضي الله عنها قالت:

كان لنا ستر فيه تمثال طائر، وكان الدّاخل إذا دخل استقبله، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: حوّلي هذا، فإنّي كلّما دخلت، فرأيته ذكرت الدّنيا «٤» .


(١) البخاري، كتاب: الرقاق، باب: كيف كان يعيش النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (٦٤٥٩) ، مسلم، كتاب: الزهد والرقاق، برقم (٢٩٧٢) .
(٢) انظر فتح البارى (٩/ ٥٢٧) . وفيه خيبر بدلا من قريظة.
(٣) مسلم، كتاب: الطلاق، باب: في الإيلاء واعتزال النساء ... ، برقم (١٤٧٩) .
(٤) مسلم، كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم تصوير صورة الحيوان، برقم (٢١٠٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>