للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيما يشرع، إذا سكت عن أمر كان هذا هو الحق، وإذا تكلم عن نفس الأمر في موضع آخر كان هذا هو الحق، إذا غضب من أمر كان غضبه موافقا تماما للحق، وكذلك إذا مزح وتبسط مع أصحابه، ولا تعجب أخي القارئ من ذلك، لأن الله- تبارك وتعالى-، وهو الحق المبين، هو الذي وصف عبده بهذا الوصف الأتم الأكمل.

كما أن من التزكيات العظيمة التي ذكرها المولى- عز وجل- لنبيه صلّى الله عليه وسلّم هو قوله تعالى:

وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ [المؤمنون: ٧٣] . ووجه التزكية هي موافقة ما كان عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم وما كان يدعو إليه، وهي أعظم منقبة لأي داعية.

قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسير آية الباب: (ثم أخبر الله- عز وجل- بأعظم أوصاف الرسول صلّى الله عليه وسلّم الدالة على رسالته، وهو أنه عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ: معتدل، موصل إلى الله وإلى دار كرامته، وذلك الصراط المستقيم مشتمل على أعمال، وهي الأعمال الصالحة، المصلحة للقلب والبدن، والدنيا والآخرة، والأخلاق الفاضلة، المزكية للنفس المطهرة للقلب المنمية للأجر) «١» .

١٣- قيامه صلّى الله عليه وسلّم بالدعوة على أكمل وجه:

قال تعالى: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ [الذاريات: ٥٤] .

قال الإمام القرطبي رحمه الله: (أي أعرض عنهم واصفح عنهم، فما أنت بملوم عند الله لأنك أديت ما عليك من تبليغ الرسالة، ثم نقل عن مجاهد قوله: ليس يلومك ربك على تقصير كان منك) . انتهى «٢» .

وقال الشيخ السعدي رحمه الله: (فليس عليك لوم في ذنبهم وإنما عليك البلاغ وقد أديت ما حملت وبلّغت ما أرسلت به) .

[بعض فوائد الآية الكريمة:]

[الفائدة الأولى:]

إثبات قيام النبي صلّى الله عليه وسلّم بالدعوة على أكمل وجه، من حيث بذله كل جهده ووقته في الدعوة إلى الله، ومن حيث الصدق والأمانة في تبليغ كل ما أمر به، ومن قبل ومن بعد كمال الإخلاص لله- سبحانه وتعالى- عند القيام بهذه الرسالة العظيمة.

الفائدة الثّانية:

إثبات رضى الله- عز وجل- بما قام به النبي صلّى الله عليه وسلّم، من الدعوة


(١) تفسير السعدي (٦٩٢) .
(٢) الجامع لأحكام القرآن (١٧/ ٥٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>