ومثال الرؤية الخاصة: قوله تعالى لموسى وهارون: قالَ لا تَخافا إِنَّنِي مَعَكُما أَسْمَعُ وَأَرى [طه: ٤٦] .
[وفي الآية فوائد منها:]
[الفائدة الأولى:]
كمال عبادته لله- سبحانه وتعالى- من جميع الوجوه، والتي منها التواضع بها لله والخشوع، وحسن القيام والسجود، وتمام الإخلاص، حيث إن الآية وردت على سبيل التمدح من الله- عز وجل- والله لا يمتدح شيئا فيه نقص أو خلل، بدون توجيه، خاصة إذا كان يتعلق بقدوة هذه الأمة صلّى الله عليه وسلّم.
[الفائدة الثانية:]
وعد الله- عز وجل- نبيه صلّى الله عليه وسلّم بالنصر والظهور على أعدائه، والرحمة له ولأمته، حيث أمره- سبحانه وتعالى- بالتوكل عليه، ورغّبه في ذلك بصفتين من صفاته، وهما العزة والرحمة.
[الفائدة الثالثة:]
عظيم أمر التوكل فبه يكفينا الله- عز وجل- أمر أعدائنا بالنصر عليهم، وويكفينا شرور أنفسنا بغفران السيئات.
[الفائدة الرابعة:]
ختمت الآيات بقوله: إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، فهو- سبحانه وتعالى- الذي يسمع دعاءك ويعلم حالك، وكأنه وعد منه- تبارك وتعالى- بتحقيق سؤله واستجابة دعائه، وقد تم ذلك كله بما تقر به عينه صلّى الله عليه وسلّم.
قيل: إن اللتين تظاهرتا على النبي صلّى الله عليه وسلّم هما عائشة وحفصة- رضي الله عنهما- حيث ذكرا له أن به ريح مغافير من العسل الذي يشربه عند إحدى نسائه، ولما كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يكره أن يجد أحد منه ريحا كريهة، حرم على نفسه العسل، فنزلت الآية توجه العتاب واللوم لعائشة وحفصة، وتعرض عليهما التوبة إلى الله بسبب ما بدر منهما وميلهن عما ينبغي من الورع والتوقير وعدم المشقة في حق النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكل روايات أسباب النزول لا تختلف كثيرا عما ذكرت وهي روايات في الصحاح.
[والشاهد في الآية]
على اعتناء الله- سبحانه وتعالى- بالنبي صلّى الله عليه وسلّم غاية العناية: أن الآية ذكرت أن الله- عز وجل- هو مولى النبي صلّى الله عليه وسلّم، والمولى هو المعين والناصر، وهو الذي يتولى أمر مولاه في كل شئونه.