للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي إحدى روايات البخاري أيضا: (عن الجعيد بن عبد الرّحمن رأيت السّائب بن يزيد ابن أربع وتسعين جلدا معتدلا فقال: قد علمت ما متّعت به سمعي وبصري إلّا بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إنّ خالتي ذهبت بي إليه، فقالت: يا رسول الله إنّ ابن أختي شاك، فادع الله له، قال: فدعا لي) «١» .

[الشاهد في الحديث:]

قول السائب بن يزيد: (فمسح رأسي ودعا لي بالبركة) ، والمناسبة التي قال فيها السائب هذا الكلام، أن الجعيد بن عبد الرحمن رآه وقد بلغ السائب الأربع والتسعين سنة، وهو ما زال جلدا معتدلا، فبرر له ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا له.

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

في الشمائل النبوية:

١- عظيم بركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم حيث دعا للسائب بالبركة، فكان من أثر ذلك الدعاء، أن بلغ السائب أربعا وتسعين سنة، وهو ما زال جلدا (أي قويّا صلبا) معتدلا، أي لم تظهر عليه علامة من علامات الشيخوخة، مثل انحناء الظهر وضعف السمع والبصر أو تجاعيد الوجه، ودليله ما قاله التابعي، الجعيد بن عبد الرحمن: (رأيت السائب بن يزيد ابن أربع وتسعين جلدا معتدلا) .

٢- ثبوت بركة النبي صلى الله عليه وسلم في يديه الشريفتين ودعائه وفضلة وضوئه، وهو بقية الماء الذي يغترف فيه ليتوضأ منه، ولولا بركة هذا الماء، ما أقر النبيّ صلى الله عليه وسلم الصحابة الشرب منه.

٣- شفقته بالأطفال، خاصة المرضى منهم، حيث مسح صلى الله عليه وسلم على رأس السائب بن يزيد، وكان عمر السائب وقتها ثمان سنين، والمسح على رأس الصبي فيه اللفتة الحانية مع حدوث البركة منه صلى الله عليه وسلم، وما اكتفى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك بل جمع له مع المسحة الدعاء بالبركة، وهي شفقة على شفقة، ولا يخفى على أحد تواضعه صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الواقعة، وأشباهها كثير.

[الفائدة الثانية:]

مناقب السائب بن يزيد رضي الله عنه:

١- نال في جزء يسير من الزمن عدة بركات من النبي صلى الله عليه وسلم، وهي المسح على الرأس والدعاء له بالبركة وشرب فضلة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، فكم من الصحابة تجمع له كل ذلك


(١) رواه البخاري، كتاب: المناقب، باب: كنية النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (٣٥٤٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>