فانطلق زيد حتّى أتاها وهي تخمّر عجينها، قال: فلمّا رأيتها عظمت في صدري حتّى ما أستطيع أن أنظر إليها أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذكرها، فولّيتها ظهري ونكصت على عقبي، فقلت: يا زينب أرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يذكرك قالت: ما أنا بصانعة شيئا حتّى أوامر ربّي، فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن، وجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدخل عليها بغير إذن) . [رواه مسلم]«١» .
[الشاهد في الحديث:]
قول أنس رضي الله عنه:(وجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فدخل عليها بغير إذن) .
[ملخص القصة:]
كان النبي صلّى الله عليه وسلّم قد تبنى زيد بن حارثة ونسبه إليه، فكان يدعى: زيد ابن محمد، وقد تزوج زيد من زينب بنت جحش، ابنة عمة النبي صلّى الله عليه وسلّم، فلما أراد الله- عز وجل- أن يبطل مسألة التبني، نزل قوله تعالى: ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ، فدعى زيد مرة أخرى إلى أبيه، وبقيت مسألة أخرى كانت قد استحكمت في نفوس الناس، وهي أن الرجل المتبنّي، لا يحل له أن يتزوج بمطلقة من تبنّاه لأنها بمثابة زوجة ابنه، فأوحى الله إلى رسوله صلّى الله عليه وسلّم، أن زيدا سيطلق زوجته، ثم يتزوجها النبي صلّى الله عليه وسلّم، ليبطل تلك العادة، وكان زيد يأتي النبي صلّى الله عليه وسلّم، يشاوره في طلاق زوجته، فيأمره النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يصبر عليها ويمسكها بالمعروف ويخفي ما أوحى الله إليه، ولما تم أمر الله بالطلاق وانقضت عدة زينب- رضي الله عنها.، أرسل النبي صلّى الله عليه وسلّم زيدا إلى مطلقته يخبرها برغبة النبي صلّى الله عليه وسلّم بالزواج منها، فقالت: أشاور ربي، أي أستخير، فأنزل الله تعالى: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا [الأحزاب: ٣٧] ، فدخل النبي صلّى الله عليه وسلّم على زينب بغير إذنها.
[الدروس والعبر]
من الآية الكريمة والحديث الشريف:
[الفائدة الأولى:]
في الشمائل النبوية:
١- بيان فضل ومكانة النبي صلّى الله عليه وسلّم عند ربه، ووجه ذلك:
أ- أنه سبحانه أنزل قرآنا كريما يتلى إلى يوم القيامة بتزويج النبي صلّى الله عليه وسلّم من زينب بنت جحش.