للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- سمّى الجلوس في الصلاة أمر سوء، بالرغم أن الجلوس في صلاة النافلة جائز شرعا، حتى ولو لم يشعر المصلى بالتعب فما بالكم إذا شعر بالتعب الشديد، ولكن الأمر السوء عنده ليس الجلوس ذاته ولكنه مخالفة هيئة النبي صلّى الله عليه وسلّم وقد يكون سماه سوآ لأمر آخر، هو أنه سيستريح بالجلوس ويذهب عنه التعب الذي يشعر به، والنبيّ صلّى الله عليه وسلّم ما زال يتحمل تعب القيام.

٤- لم يلتفت رضي الله عنه إلى الأجر الزائد الذي سيناله إذا واصل القيام مع تعبه الشديد، أو الأجر الفائت بالجلوس، وإن كان هذا أمرا عظيما عند الصحابة رضي الله عنه ولكن الذي التفت إليه وشغله كثيرا هو مخالفة هيئة النبي صلّى الله عليه وسلّم ولا غرابة في ذلك؛ لأن الذي علمهم كيف يحصلون على أجر الصلاة والصوم وسائر العبادات، هو النبي صلّى الله عليه وسلّم ويمكن أنه رضي الله عنه لم يلتفت للأجر الفائت من الجلوس لاعتقاده أن سوء الأدب الذي سيلحقه من مخالفة هيئة النبي صلّى الله عليه وسلّم أعظم خسارة من الأجر الفائت بتحمل طول القيام مع التعب الشديد.

أخي القارئ: إذا كانت مخالفة هيئة النبي صلّى الله عليه وسلّم في القيام أو الجلوس- وهي أمر لا يؤاخذ عليه المولى- سبحانه وتعالى- أمر سوء عند الصحابة، فما بالكم بمخالفة أمره ونهيه صلّى الله عليه وسلّم، فما بالكم لو رأى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الناس اليوم ومنهم من يعبد الله- سبحانه وتعالى- على هيئة تخالف ما سنه النبي صلّى الله عليه وسلّم. ماذا سيقول؟ هل تظنون أنه سيكتفي بقوله:

(أمر سوء) ؟.

[الفائدة الثالثة:]

يؤخذ من الحديث أن هذا الوقوف الطويل في الصلاة لم يكن أمرا سهلا أو معتادا على الصحابة في ذلك الوقت، حتى الأصغر منهم سنّا.

٥- غضبهم الشديد رضي الله عنهم من معارضة سنة النبي صلّى الله عليه وسلّم

عن أبي قتادة قال: كنّا عند عمران بن حصين في رهط منّا، وفينا بشير بن كعب فحدّثنا عمران يومئذ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الحياء خير كلّه» . قال: أو قال: «الحياء كلّه خير» . فقال بشير بن كعب: إنّا لنجد في بعض الكتب، أو الحكمة: أنّ منه سكينة ووقارا لله، ومنه ضعف. قال: فغضب عمران حتّى احمرّتا عيناه، وقال: ألا أراني أحدّثك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وتعارض فيه؟ قال: فأعاد عمران الحديث قال فأعاد بشير. فغضب عمران قال: فما زلنا نقول فيه: إنّه منّا يا أبا نجيد إنّه لا بأس به «١» .


(١) مسلم، كتاب: الإيمان، باب: بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها، برقم (٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>