قول عمر رضي الله عنه فلأنت الآن- والله- أحبّ إلي من نفسي.
[بعض فوائد الحديث:]
[الفائدة الأولى:]
وجوب حب النبي صلّى الله عليه وسلّم أكثر من كل شيء، أكثر من الدنيا وما فيها، من زخرف وزينة، أكثر من الناس الذين فيهم الوالد والولد والزوجة، أكثر من النفس، التي هي ألصق شيء إلى الإنسان، حيث ورد في الحديث قول عمر رضي الله عنه:(والله لأنت يا رسول الله أحب إلي من كل شيء) ، وحيث إن قوله:(كل شيء) عامة لأنها جاءت نكرة، فيدخل فيها العظيم من الأشياء والحقير منها، وعندما استثنى عمر النفس، لم يرض الرسول صلّى الله عليه وسلّم منه ذلك، وما كان ذلك إلا من باب تبليغ الوحي، الذي أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بتبليغه وعدم كتمان أي شيء منه.
يتفرع على ذلك، علمنا بعلو منزلة النبي صلّى الله عليه وسلّم وعظيم فضله الظاهر على عموم أفراد هذه الأمة، ووجوب أن يشعر كل مسلم بهذه المنزلة وعظيم الفضل، ومن ثمّ فإن العبد لا يكمل إيمانه حتى يكون الرسول صلّى الله عليه وسلّم أحب إليه من كل شيء حتى من نفسه التي بين جنبيه، والله.
سبحانه وتعالى-، هو الذي جعل حب الرسول صلّى الله عليه وسلّم من الإيمان، بل من أعظم شعبه، ولا غرابة في ذلك، فإن الفطر السليمة، والعقول الصحيحة، قد جبلت واتفقت على أن النفس السوية تحب من يقدم لها الخير، ويسدي لها المعروف، ويبين لها ما يصلحها وما يفسدها، فهل أحد من البشر قدم لنا من الخير والمعروف أكثر منه صلّى الله عليه وسلّم، وهل أحد نصحنا وأشفق علينا، وجعل كل همه نجاة أمته يوم القيامة مثله؟ بل أقول: هل من أمة ستفرح باتباع نبيها، فرحنا باتباع المصطفى صلّى الله عليه وسلّم؟ وإننا من أمته وعلى سنته، فلماذا لا نحبه أكثر من أنفسنا! وقد روى البخاري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والنّاس أجمعين»«١» .
[الفائدة الثانية:]
في مناقب عمر رضي الله عنه:
١- ما كان عليه من الصدق، حيث قال في الأولى للنبي صلّى الله عليه وسلّم:(والله لأنت يا رسول الله أحب إلى من كل شيء إلا نفسي) ، فلما كان يعلم من حاله أنه يحب نفسه أكثر من الرسول، صلّى الله عليه وسلّم، ذكر ذلك، فكان صادقا في حديثه.
٢- استكماله رضي الله عنه لأعظم شعب الإيمان وهي حب الرسول صلّى الله عليه وسلّم أكثر من نفسه،
(١) البخاري، كتاب: الإيمان، باب: حب الرسول صلى عليه وسلّم من الإيمان، برقم (١٥) .