للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثمّ راح فكأنّما قرّب بدنة، ومن راح في السّاعة الثّانية فكأنّما قرّب بقرة، ومن راح في السّاعة الثّالثة فكأنّما قرّب كبشا أقرن، ومن راح في السّاعة الرّابعة فكأنّما قرّب دجاجة، ومن راح في السّاعة الخامسة فكأنّما قرّب بيضة. فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذّكر» «١» . وهذا بلا شك ثواب عظيم على عمل قليل، متيسر لكل مؤمن أن يناله كل جمعة، فلله الحمد والمنة.

[بعض فوائد حديث الباب:]

[الفائدة الأولى:]

عناية الله- عز وجل- بهذه الأمة، يتبين من:

١- أن الله- عز وجل- جعلها آخر الأمم زمانا في الدنيا، وأعظم الأمم منزلة في الآخرة، ولا تخفى الفضائل المتنوعة لكون هذه الأمة آخر الأمم زمانا في الدنيا، فهي شاهدة على جميع الأمم، وشريعتها وكتابها لا ينسخان إلى يوم القيامة، وكل الأمم مأمورة أن تدخل في دينها، ولا تأتي أمة تستعلي عليها، وغير ذلك كثير قال ابن حجر رحمه الله:

(والمراد أن هذه الأمة وإن تأخر وجودها في الدنيا عن الأمم الماضية فهي سابقة لهم في الآخرة بأنهم أول من يحشر وأول من يحاسب وأول من يقضى بينهم وأول من يدخل الجنة) «٢» .

٢- هدايتها ليوم الجمعة دون غيرها من الأمم لقوله صلى الله عليه وسلم: «فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله فغدا لليهود وبعد غد للنصارى» . وقال صاحب الفتح: (وفيه بيان واضح لمزيد فضل هذه الأمة على الأمم السابقة زادها الله تعالى) «٣» .

٣- تمييز هذه الأمة عن الأمم السابقة، وذلك بتمسكها بما افترضه الله عليها، واستحالة اجتماعها على الباطل، ودليله أن الله افترض على اليهود يوم الجمعة فضلوا عنه وبدلوه بيوم السبت، وافترضه على النصارى فضلوا عنه وبدلوه بيوم الأحد، فاجتمعت الأمتان على ضلالة واحدة، وهي تبديل يوم الجمعة، وتعظيمهم يوما لم يؤمروا بتعظيمه مع حرمانهم من بركاته وفضائله.

[الفائدة الثانية:]

عظيم فضل يوم الجمعة، وأنه اليوم الفاضل على سائر الأيام منذ أن خلق الله آدم عليه السلام، وأدلة ذلك:


(١) البخاري، كتاب: الجمعة، باب: فضل الجمعة، برقم (٨٨١) .
(٢) انظر «فتح الباري» ، (٢/ ٣٥٤) .
(٣) انظر المصدر السابق، (٢/ ٣٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>