للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعه، فإنّ الحياء من الإيمان» «١» .

[الفائدة الثانية:]

كان حياء النبي صلى الله عليه وسلم كله محمودا؛ لأن حياءه صلى الله عليه وسلم لم يمنعه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن بيان كل ما شرع الله- سبحانه وتعالى- أبلغ بيان، فكان يسأل هل على المرأة من غسل؟ فلا يمنعه شدة حيائه أن يجيب، فعن أمّ سلمة رضي الله عنها قالت: جاءت أمّ سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إنّ الله لا يستحيي من الحقّ. فهل على المرأة من غسل إذا احتلمت؟ قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «إذا رأت الماء» ، فغطّت أمّ سلمة، تعني: وجهها، وقالت: يا رسول الله أو تحتلم المرأة؟ قال: «نعم. تربت يمينك، فبم يشبهها ولدها؟!» «٢» .

الفائدة الثّالثة:

ما يجب أن تكون عليه العذراء، من حياء وعفة، وحفظ للسمع والبصر، ولو يعلم الراوي أحدا أشد حياء من العذراء لوصف به الرسول صلى الله عليه وسلم.

ويتفرع عليه: ذمّ ما وصلت إليه مجتمعاتنا من خلع بعض العذارى لبرقع الحياء، حتى إنك لا تعلم العذراء من غيرها، استوى الكثير منهن في اللباس ومظاهر الزينة ومجالات الاهتمام وأسلوب الحديث والتجرؤ على مخاطبة الرجال، ولو لم يكونوا محارم، قلّ أن ترى عذراء يتغير لون وجهها إذا سمعت ما يخدش حياءها، بل تجدها اليوم تزاحم الرجال في كل مكان فإنا لله وإنا إليه راجعون.

الفائدة الرّابعة:

خطأ من يعتقد أن الحياء خصلة للنساء فقط، وأن الرجل يذم إذا اتصف بها، ودليله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حييّا بل فاق حياؤه حياء المرأة، ليس أي امرأة، ولكن أشد أصناف المرأة حياء؛ وهي العذراء، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم حياء موسى عليه السّلام في سياق مدحه لهذه الصفة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان موسى عليه السّلام رجلا حييّا، قال:

فكان لا يرى متجرّدا. قال: فقال بنو إسرائيل: إنّه آدر. قال: فاغتسل عند مويه، فوضع ثوبه على حجر، فانطلق الحجر يسعى، واتّبعه بعصاه يضربه، ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتّى وقف على ملإ من بني إسرائيل) «٣» .


(١) البخاري، كتاب: الأدب، باب: الحياء، برقم (٦١١٨) ، مسلم: كتاب: الإيمان، باب: بيان عدد شعب الإيمان ... ، برقم (٣٦) .
(٢) البخاري، كتاب: العلم، باب: الحياء في العلم، برقم (١٣٠) ، مسلم، كتاب: الحيض، باب: وجوب الغسل على المرأة بخروج المني منها، برقم (٣١٣) .
(٣) مسلم، كتاب: الفضائل، باب: من فضائل موسى ... ، برقم (٣٣٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>