للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧- ذكر محاسن هذه المرأة، والثناء عليها أبلغ الثناء حيث قال صلى الله عليه وسلم: «لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم» .

[الفائدة الثانية:]

في مناقب المرأة:

١- أعظم ما فيها هي توبتها النصوح، وعلامتها: أنها قد جاءت من تلقاء نفسها تخبر أنها قد أصابت حدّا، وتريد إقامة الحد عليها، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم قدر تلك التوبة بأنها تكفي سبعين رجلا من أهل المدينة.

يتفرع على ذلك: أن التوبة تتفاوت درجاتها، بحسب ما يجده العبد من ندم على ما اقترف، وعزم على عدم العودة، وترك كل الأسباب التي قد تؤدي للعودة إلى المعصية.

٢- خوفها من الله- عز وجل- مع فقهها حيث أرادت أن تجمع بين كفارتين للكبيرة، وهما إقامة الحد مع التوبة، وإن كانت واحدة لتكفي، ولكنها أرادت أن تكون على يقين كامل أنها ستقابل ربها، وليس في صفحتها أدنى مسائلة عن هذه الكبيرة.

٣- أدبها وعفة لسانها حيث لم تذكر مسمى الكبيرة التي وقعت فيها، لأن التعريض يكفي، فكان كل ما قالته: (يا نبي الله أصبت حدّا فأقمه علي) .

هـ- شفقته صلى الله عليه وسلم بمن سبه النبيّ أو دعا عليه:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت عند أمّ سليم يتيمة؛ وهي أمّ أنس، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم اليتيمة فقال: «آنت هيه؟ لقد كبرت، لاكبر سنّك!» ، فرجعت اليتيمة إلى أمّ سليم تبكي فقالت أمّ سليم: ما لك يا بنيّة؟ قالت الجارية: دعا عليّ نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ألايكبر سنّي، فالآن لا يكبر سنّي أبدا، أو قالت: قرني. فخرجت أمّ سليم مستعجلة تلوث خمارها حتّى لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما لك يا أمّ سليم؟» فقالت يا نبيّ الله: أدعوت على يتيمتي؟ قال: «وما ذاك يا أمّ سليم؟» قالت: زعمت أنّك دعوت أن لا يكبر سنّها ولا يكبر قرنها. قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمّ قال: «يا أمّ سليم أما تعلمين أنّ شرطي على ربيّ أنّي اشترطت على ربيّ. فقلت: إنّما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر، وأغضب كما يغضب البشر فأيّما أحد دعوت عليه من أمّتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها له طهورا، وزكاة، وقربة يقرّبه بها منه يوم القيامة؟!» «١» .

الشّاهد في الحديث:

قول النبي صلى الله عليه وسلم «أني اشترطت على ربي فقلت: إنما أنا بشر أرضى كما


(١) مسلم، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم ... ، برقم (٢٦٠٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>