للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جواز الدعاء لرفع الضرر الواقع على الكافرين، وكل ذلك تحكمه المصلحة، سواء الدعاء لهم بالهداية، أو الدعاء عليهم بالهلاك.

[الفائدة السادسة:]

لا يريد الله، سبحانه وتعالى، إيمانا جبريّا؛ لأن هذا الإيمان إيمان القالب وليس القلب، ولا قيمة له، والدليل من الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما اشترط على أبي سفيان إيمان كفار قريش حتى يرفع عنهم القحط، ولكن دعا لهم واستجاب الله الدعاء، ويكفي ذلك في إقامة الحجة على الكفار، بصدق دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ [الشعراء: ٤] ، ونشير هنا إلى أن قوله تعالى: فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف: ٢٩] ليس المراد منه، تخيير العباد بين الإيمان أو الكفر، كما يفهم ذلك الكثير من الناس، ولكن الفهم الصحيح للآية أنها من باب التهديد والوعيد لمن لا يؤمن، وأن العبد ليس مخيرا بين الإيمان والكفر. والدليل من نفس الآية قوله تعالى:

إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها [الكهف: ٢٩] .

[الفائدة السابعة:]

في الحديث بيان للمقصود من قوله تعالى: فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ [الدخان: ١٠] ، وقوله تعالى: يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ [الدخان: ١٦] ، فالآيتان يقصد بهما ما حدث للكفار- في حديث الباب- من المجاعة والهزيمة العظيمة التي لحقت بهم في غزوة بدر، وكثير من الناس يفهم أن هاتين الآيتين- الدخان والبطشة- هما من علامات يوم القيامة، وهذا خطأ.

[الفائدة الثامنة:]

بيان ما عليه الكفار من النكوص على الأعقاب ونقض الوعود؛ لأن الكفار قد وعدوا النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان، لو كشف عنهم ما وقع بهم من القحط، ولكنهم أصروا على الكفر بعد أن كشف الله عنهم، قال تعالى: إِنَّا كاشِفُوا الْعَذابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عائِدُونَ [الدخان: ١٥] ، وهى سنة من قبلهم، قال تعالى على لسان بني إسرائيل لنبيهم موسى عليه السلام: وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ (٤٩) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ [الزخرف: ٤٩- ٥٠] .

[الفائدة التاسعة:]

قد يستجيب الله عز وجل، ويكشف العذاب عن الكافرين لو وعدوا أنهم سيؤمنون، مع أن الله عز وجل يعلم كذبهم، كما حدث مع اليهود، ومع كفار قريش، ويكون هذا من باب الاستدراج لهم، وتسجيل مواقف تبين كذبهم وعنادهم، وتقيم عليهم الحجة الدامغة، لأنهم قد رأوا من الآيات ما يجعلهم يؤمنون، ولكنهم أبوا.

[المثال الثاني:]

عن ابن مسعود قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي عند البيت وأبو جهل

<<  <  ج: ص:  >  >>