الريح، التي تأتي بالماء، رزق السماء، فيحيي به الله الأرض، وبدون الريح التي تأتي بالماء يموت كل شيء، وعلمنا من قول ابن عباس- رضي الله عنهما-: (فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة) أن جوده أشد خيرا من الريح من كل الوجوه.
٣- تنوع عطاء وجود الرسول صلى الله عليه وسلم لقول ابن عباس- رضي الله عنهما-: (أجود بالخير) ولم يحدد أنواع هذا الخير، فعلمنا أنه كان صلى الله عليه وسلم هو الأجود في كل أنواع الخير، فلم يقتصر جوده، على باب واحد من أبواب الخير، ولذلك فضّل جوده عن الريح المرسلة، ولا غرابة في ذلك، فإذا كانت الريح تحيي الأرض الميتة، وتخرج النبات، فإن جوده صلى الله عليه وسلم يحيي القلوب والعقول، وهذا أعظم نفعا من إحياء الأرض.
يتفرع على ذلك: أن الخير الذي يمكن أن يبذله المسلم، لا ينحصر في إنفاق المال، وأن الفقير لن يعجز أن يجود بالخير، لأن للخير أبوابا كثيرة، كبذل الجاه في الشفاعة المحمودة والدعاء لعموم المسلمين وخاصتهم، وإعانة الضعيف، وتعليم الناس، وغير ذلك من أوجه الخير الكثيرة.
٤- شكر الرسول صلى الله عليه وسلم لربه، في إنزال القرآن عليه، وإرسال الروح الأمين عليه السلام لمدارسته القرآن، وذلك لأن ابن عباس- رضي الله عنهما- وضح أن سبب هذا الجود العظيم من النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل كان يأتيه كل ليلة فيدارسه القرآن، وأظن أن هذا الجود كان من باب شكر المنعم.
ويتفرع على ذلك: ألا نلوم أهل الخير، إذا رأيناهم يجودون أكثر في رمضان، ولا نعتب عليهم أنهم لا يجودون بمثله سائر السنة، شريطة ألايمتنع أصل جودهم طول السنة، اتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يجود طول العام.
٥- الخير الذي كان في الأرض طوال مدة بعثة النبي صلى الله عليه وسلم انقطع بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم وسبب هذا الخير هو اجتماع النبي صلى الله عليه وسلم بجبريل عليه السّلام كل ليلة من ليالي رمضان لمدارسة القرآن الكريم.
ويتفرع على ذلك أيضا: أن أعظم ما ينبغي الاشتغال به في شهر رمضان المبارك، هو قراءة القرآن العظيم، وما يخدمه من علوم.
[الحديث الثاني:]
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: (جاءت امرأة إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ببردة، فقال سهل للقوم: أتدرون ما البردة؟ فقال القوم: هي الشّملة. فقال سهل: هي شملة منسوجة فيها حاشيتها. فقالت: يا رسول الله أكسوك هذه؟ فأخذها النّبيّ صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها فلبسها،