للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

تحريم أن يقول الإنسان: هلك الناس، سواء بقصد الإخبار أو بقصد الدعاء، فكيف يحكم أحد على الأمة بالهلاك، وفيها تلك الفئة، وهو بذلك يكون كالمكذب بخبر النبي بوجودها في كل القرون، أو كيف يدعو عليها بالهلاك؟ وفيها الفئة التي زكاها خير البرية، يصدق ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الرّجل: هلك النّاس، فهو أهلكهم» . رواه مسلم «١» .

[الفائدة الثانية:]

في الحديث بشرى عظيمة لهذه الأمة، وهو وجود الخير والعلم والحق فيها، حتى يأتي أمر الله، وقد يضعف هذا الحق في بعض الأوقات، ولكنه موجود، يقوى في أكثر الأوقات.

[الفائدة الثالثة:]

في الحديث تكذيب من ادعى، أنه ترك الحق لعدم وجود النصير أو القائم على الحق، كما أنه حجة على من يتساهل في أمور دينه، لعدم وجود من يعلّمه ويرشده ويفتيه، ولا يشترط وجود هذه الفئة بأشخاصها في كل بلد أو قطر، بل يكفي أن علمها موجود بوسائل مسموعة أو مرئية أو مكتوبة. فلا حجة لأحد والحمد لله، ولكن بعض الناس قد اعتادوا على التساهل في أمور دينهم، بعكس حرصهم على أمور دنياهم.

[الفائدة الرابعة:]

المقصود من قوله: «حتى يأتي أمر الله» ، هي الريح التي تأتي قرب يوم القيامة، فتأخذ روح كل مؤمن ومؤمنة، كما ذكر الإمام النووي في شرحه صحيح مسلم «٢» .

[الفائدة الخامسة:]

في الحديث حث لأهل العلم والخير على الصبر وتحمل أذى الناس، وعليهم أن يعلموا أنهم سيجدون مشقة في دعوتهم لقوله: «لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم» ، فأثبت الحديث أنه سيوجد في الأمة من يخالف أهل الحق فلا يوافقهم، ويخذلهم فلا ينصرهم، وقد يزداد الأمر إلى إقامة كل حجة لدحض الحق الذي مع هذه الفئة، وإشاعة كل شبهة لفضّ الناس من حولهم، وقد يزداد الأمر إلى نصرة أعدائهم عليهم.

[الفائدة السادسة:]

كما أن في الحديث تسلية لهذه الفئة، ففيه بشرى عظيمة لهم، أنه سيأتي أمر الله وهم ظاهرون على الحق.


(١) مسلم، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: النهي عن قول: هلك الناس، برقم (٢٦٢٣) .
(٢) انظر «شرح النووي على صحيح مسلم» ، (١٣/ ٦٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>