للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لجسدك عليك حقّا وإن لعينك عليك حقّا وإن لزوجك عليك حقّا وإن لزورك عليك حقّا» «١» .

[الفائدة الخامسة:]

حياء الصحابة رضي الله عنهم وتقديمهم التعريض على التصريح فيما يخدش الحياء، ولو كان المتحدّث إليه من المحارم، يتضح ذلك جليّا من قول زوجة عبد الله بن عمرو: (لم يطأ لنا فراشا ولم يفتش لنا كنفا) . وهذا أمر نفتقده كثيرا في كلامنا اليوم، فنأتي بكلام يخدش الحياء بمصلحة وبغير مصلحة، وفي جدّنا وهزلنا.

١٢- عظيم أدبهم معه صلّى الله عليه وسلّم

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: بينا أنا رديف النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليس بيني وبينه إلّا أخرة الرّحل «٢» . فقال: «يا معاذ بن جبل» . قلت: لبّيك رسول الله وسعديك، ثمّ سار ساعة، ثمّ قال: «يا معاذ» . قلت: لبّيك رسول الله وسعديك. ثمّ سار ساعة ثمّ قال: «يا معاذ» قلت: لبّيك رسول الله وسعديك. قال: «هل تدري ما حقّ الله على عباده؟» قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «حقّ الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا» . ثمّ سار ساعة ثمّ قال: «يا معاذ بن جبل» . قلت: لبّيك رسول الله وسعديك. فقال: «هل تدري ما حقّ العباد على الله إذا فعلوه؟» . قلت: الله ورسوله أعلم. قال: «حقّ العباد على الله أن لا يعذّبهم» «٣» . متفق عليه.

[الشاهد في الحديث:]

أن النبي قد نادى معاذا ثلاث مرات، وفي كل مرة يرد عليه معاذ ثم يسكت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولا يتكلم بكلمة واحدة، فلا يقول معاذ للرسول في أي من مرات الثلاث: ناديتني يا رسول الله فماذا كنت تريد؟، أو يقول: يا رسول الله أنسيت ماذا كنت تريد أن تقول؟ أو أي كلمة مشابهة. ولكن يسكت، والرسول صلّى الله عليه وسلّم ينادي، فلا يمل ولا يقول شيئا، بين يدي النبي، وهذا أدب عظيم.


(١) البخاري، كتاب: الصوم، باب: حق الجسم في الصوم، برقم (١٩٧٥) ، مسلم كتاب: الصيام، باب: النهي عن صوم الدهر ... ، برقم (١١٥٩) ، من حديث عبد الله بن عمرو.
(٢) أي الخشبة التي يستند إليها راكب البعير
(٣) البخاري، كتاب: اللباس، باب: إرداف الرجل خلف الرجل، برقم: (٥٩٦٧) ، مسلم، كتاب: الإيمان، باب: الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، برقم (٣٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>