للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة الثّالثة:

يتسامح في أمور الغيرة بين النساء، وما يصدر منهن بصدده، ما لا يتسامح في غيره، ذكر النووي في شرح صحيح مسلم: نقلا عن بعض العلماء أن (الغيرة مسامح للنساء فيها ولا عقوبة عليهن فيها لما جبلن عليه من ذلك ولهذا لم تزجر عائشة عنها) «١» .

[ويتفرع عليه:]

أن نعلم عظيم ما تجده المرأة في قلبها من غيرة بسبب حب زوجها لغيرها من النساء، وإن كانت قد ماتت، فيجب على الرجال مراعاة هذا الجانب جيدا، فالأمر يحتاج إلى معالجة وصبر، فالغيرة قد دفعت عائشة رضي الله عنها إلى أن تقول ما قالت في حق واحدة من سيدات نساء العالمين، ولعلم النبي صلى الله عليه وسلم بغيرة النساء، قد عذر عائشة رضي الله عنها في مقولتها.

الفائدة الرّابعة:

وجوب حسن الوفاء ورد الجميل لأصحاب المعروف أحياء وأمواتا، وأذكّر نفسي وإخواني بأنّ حق الوالدين أعظم من حق الزوجة أو الزوج، فيجب على الزوج أن يفي بحق والديه، وإن تسبب هذا الوفاء في غيرة الزوجة، وعليه أن يتبع الحكمة عند بر والديه وذويه، بحيث لا يشعل نار الفتنة بينهما قدر الإمكان، فإن تعذر ذلك، وأبت المرأة إلا أن تحول بين الرجل ووالديه أو أصحاب الحقوق عليه ولم ينفع معها النصح والإرشاد، فعلى الرجل ألايتخلى عن والديه أبدا.

فإن سأل سائل: ولماذا لم يخف النبيّ صلى الله عليه وسلم حبه الشديد لخديجة رضي الله عنها حتى لا تشعر عائشة رضي الله عنها بكل تلك الغيرة بل لماذا كان يكثر ذكرها؟.

قلت: الأمر يختلف فإن ذكر خديجة رضي الله عنها والتحدث عن أفضالها وماثرها هو من الدين الذي يجب تبليغه للأمة، وعدم التحدث به يكون من باب كتمان العلم الذي نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه.

[الفائدة الخامسة:]

الأولاد نعمة يجب شكر الله- سبحانه وتعالى- عليها، بل ويجب شكر الزوجة والثناء عليها ورد جميلها، لكونها السبب الظاهر في وجود تلك النعمة، وهي التي تحملت المشاق في سبيل ذلك، ودليله من الحديث، أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكر في سياق مدح خديجة رضي الله عنها وذكر محاسنها وأسباب كثرة ذكرها، أنها أنجبت له الولد، قال صلى الله عليه وسلم: «إنها كانت، وكانت، وكان لي منها الولد» ، وإذا كان الأولاد نعمة من الله، فإن فقدان أسباب وجودهم ابتلاء من الله- عز وجل- يجب مقابلته بالصبر والاحتساب والتضرع إليه لرفع ذلك البلاء.


(١) انظر شرح النووى على صحيح مسلم (١٥/ ٢٠٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>