للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: «هما من طعام الجنّ، وإنّه أتاني وفد جنّ نصيبين- ونعم الجنّ- فسألوني الزّاد فدعوت الله لهم ألايمرّوا بعظم ولا بروثة إلّا وجدوا عليها طعاما» «١» .

وفي رواية عند مسلم عن عامر قال: سألت علقمة هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجنّ؟ قال: فقال علقمة: أنا سألت ابن مسعود فقلت: هل شهد أحد منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجنّ؟ قال: لا، ولكنّا كنّا مع رسول الله ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في الأودية والشّعاب، فقلنا: استطير أو اغتيل. قال: فبتنا بشرّ ليلة بات بها قوم فلمّا أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء، قال: فقلنا: يا رسول الله، فقدناك فطلبناك فلم نجدك فبتنا بشرّ ليلة بات بها قوم، فقال: «أتاني داعي الجنّ فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن» . قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم وسألوه الزّاد؟ فقال: «لكم كلّ عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما، وكلّ بعرة علف لدوابكم» . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فلا تستنجوا بهما فإنّهما طعام إخوانكم» «٢» .

[الفائدة الثالثة:]

أنه لن يسمع ببعثته صلى الله عليه وسلم أحد ثم لم يؤمن إلا دخل النار خالدا مخلدا فيها، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ... » . قال الإمام ابن حجر رحمه الله: (وإنما ذكر اليهودي والنصراني تنبيها على من سواهما، وذلك لأن اليهود والنصارى لهم كتاب فإذا كان هذا شأنهم مع أن لهم كتابا فغيرهم ممن لا كتاب له أولى) «٣» .

[الفائدة الرابعة:]

التكاليف الشرعية لا تثبت في حق المكلف ولا يحاسب عليها، إلا بعد سماعه أو إبلاغه بها، ورد في الحديث: «لا يسمع بي أحد من هذه الأمة» . يصدق ذلك قوله تعالى: وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا، وقوله تعالى: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ.

قال الإمام النووي رحمه الله: (فيه دلالة على أن من لم تبلغه دعوة الإسلام فهو معذور وهذا جاء على ما تقدم في الأصول أنه لا حكم قبل ورود الشرع على الصحيح، والله أعلم) «٤» .

[الفائدة الخامسة:]

ببعثته صلى الله عليه وسلم يبطل اتباع الأمم لأي ملة أو شريعة أو دين، ويتوجب على كل أحد أن يؤمن به صلى الله عليه وسلم، قال الإمام النووي رحمه الله: (وفيه نسخ الملل كلها برسالة نبينا صلى الله عليه وسلم) .


(١) البخاري، كتاب: المناقب، باب: ذكر الجن، برقم (٣٨٦٠) .
(٢) مسلم، كتاب: الصلاة، باب: الجهر بالقراءة في الصبح والقراءة على الجن، برقم (٤٥٠) .
(٣) لم أقف عليه من كلام ابن حجر، وهو عند النووي في شرحه لمسلم، (٢/ ٥٢) .
(٤) انظر «شرح النووي على صحيح مسلم» ، (٢/ ١٨٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>