للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في شرح مسلم نقلا عن القاضي عياض: (معناه من أتى فيها إثما أو آوى من أتاه وضمه عليه وحماه) «١» ، كما نقل عنه قوله: (واستدلوا بهذا على أن ذلك من الكبائر؛ لأن اللعنة لا تكون إلا في كبيرة، ومعناها: أن الله يلعنه وكذا يلعنه الملائكة والناس أجمعون وهذا مبالغة في إبعاده عن رحمة الله تعالى فإن اللعن في اللغة الطرد والإبعاد قالوا: والمراد باللعن هنا العذاب الذي يستحقه على ذنبه والطرد عن الجنة أول الأمر وليست هي كلعنة الكفار الذين يبعدون من رحمة الله تعالى كل الإبعاد) «٢» .

وقال صاحب تحفة الأحوذي: (فمن أحدث أي أظهر في المدينة حدثا وهو الأمر الحادث المنكر الذي ليس بمعناه ولا معروف في السنة) ، كما ذكر رحمه الله أن معنى آوى أي: أجاره من خصمه وحال بينه وبين أن يقتصّ منه «٣» .

وذكر الإمام ابن حجر نقلا عن ابن بطال قوله: (دل الحديث على أن من أحدث حدثا أو آوى محدثا في غير المدينة أنه غير متوعد بمثل ما توعّد به من فعل ذلك بالمدينة وإن كان قد علم أن من آوى أهل المعاصي أنه يشاركهم في الإثم فإن من رضي فعل قوم وعملهم التحق بهم، ولكن خصّت المدينة بالذكر لشرفها ولكونها مهبط الوحي وموطن الرسول صلى الله عليه وسلم ومنها انتشر الدين في أقطار الأرض فكان لها بذلك مزيد فضل على غيرها) «٤» .

[الفائدة الثالثة:]

أقوال العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل منه صرف ولا عدل» . ذكر العلماء أقوالا كثيرة في المعنى، ذكر النووي رحمه الله طرفا منها حيث قال: (الصرف:

الفريضة، والعدل: النافلة، الصرف: التوبة والعدل: الفدية، وقيل: الصرف: الشفاعة والعدل الفدية) «٥» .

ولكن هل معنى عدم القبول هنا هو عدم الإجزاء، أي ترد عليه مثلا صلاة الفريضة والنافلة كأنه لم يصلها؟ نقل النووي عن القاضي قوله: (المعنى: لا تقبل فريضته ولا نافلته قبول رضا وإن قبلت قبول إجزاء، وقيل: يكون القبول هنا بمعنى تكفير الذنب بهما) «٦» .

[الفائدة الرابعة:]

التحذير كل التحذير من فعل المعاصي وارتكاب الآثام وإحداث البدع


(١) شرح النووي على صحيح مسلم (٩/ ١٤٠) .
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم (٩/ ١٤١) .
(٣) تحفة الأحوذي (٦/ ٢٧٠) .
(٤) فتح الباري (١٣/ ٢٨١- ٢٨٢) .
(٥) شرح النووي على صحيح مسلم (٩/ ١٤١) .
(٦) شرح النووي على صحيح مسلم (٩/ ١٤١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>