للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلّا أجرت عليها حتّى ما تجعل في فم امرأتك» . رواه مسلم «١» ، كما روى الشيخان عن أبي مسعود الأنصاريّ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أنفق المسلم نفقة على أهله وهو يحتسبها كانت له صدقة» «٢» .

هذه من منن الله العظيمة على أفراد هذه الأمة إذ جعل لهم من أعمالهم الدنيوية التي يقومون بها بالليل والنهار- وهم مضطرون إليها ولا ينفكون عنها- جعل لهم فيها أجرا وثوابا إذ هم قاموا بها إيمانا واحتسابا، تقربا إلى الله وطلبا لفضله ومرضاته، ومن تلك الأعمال النفقة على الأهل وإطعام الزوجة اللقمة في فمها، وحتى معاشرتها لقضاء الوطر.

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

عظيم منة الله- عز وجل- على هذه الأمة، ومظاهر ذلك:

١- أن الله جعل ما يفعله العبد ويقوم به من العادات كالإنفاق على الأهل والولدان، وما يتلذذ به كمضاجعة الزوجة وإطعامها اللقمة في فمها، جعل منها أعمالا يؤجر عليها العبد وتكون في ميزان أعماله يوم القيامة عبادات، قال الإمام النووي: (إن الحظ إذا وافق الحق لا يقدح في ثوابه؛ لأن وضع اللقمة في فم الزوجة يقع غالبا في حال المداعبة، ولشهوة النفس في ذلك مدخل ظاهر ومع ذلك إذا وجد القصد في تلك الحالة إلى ابتغاء الثواب حصل له بفضل الله) «٣» .

٢- مكّن الله- عز وجل- عبده المؤمن أن يكون دائما متصلا به مستحضرا ثوابه ورؤيته له، وذلك بأن شرع له أن يبتغي وجهه الكريم في كل عمل يقوم به سواء كان هذا العمل فيه مجاهدة أو كان لذة للنفس.

٣- إرادة الله- عز وجل- الشرعية أن يغتنم العبد كل وقته بما يفيده وينفعه في الآخرة، فلا يضيع على نفسه شيئا من عمره هباء، لقدرته على أن يكون كل عمله بأجر وثواب، ويتفرع عليه عظيم قدر وقت المؤمن إذ يمكنه أن يستثمره كله في طاعته سبحانه وتعالى.


(١) جزء من حديث أخرجه مسلم، كتاب: الوصية، باب: الوصية بالثلث، برقم (١٦٢٨) .
(٢) أخرجه البخاري، كتاب: النفقات، باب: فضل النفقة على الأهل، برقم (٥٣٥١) ، ومسلم، كتاب: الزكاة، باب: فضل النفقة والصدقة على الأقربين والزوج، برقم (١٠٠٢) .
(٣) نقله ابن حجر في الفتح (١/ ١٣٧) من كلام النووي رحمه الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>