للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمتك؟! على جهة الإنكار، أي: أتحكم له عليّ لأجل أنه من قرابتك؟ فعند ذلك تلون وجه النبي صلى الله عليه وسلم غضبا عليه، وحكم للزبير باستيفاء حقه من غير مسامحة له) «١» .

أقول: هذه الآية من أعظم الآيات التي تدلل على تعظيم أمر السنة ووجوب الطاعة المطلقة للنبي صلى الله عليه وسلم حيث نفت الآية نفيا قاطعا إيمان العبد حتى يحكّم النبي صلى الله عليه وسلم بل ولن يكتمل الإيمان بمجرد التحاكم، بل يجب توفر الرضى والانقياد ومطلق التسليم، كما سيأتي في الفوائد.

[ثالثا: بعض فوائد الآية الكريمة:]

[الفائدة الأولى:]

عظمت الآية الكريمة شأن التحاكم إلى النبي صلى الله عليه وسلم (في حياته) وإلى سنته (بعد مماته) أشد التعظيم.

ومظاهر ذلك في الآية:

١- بدأت الآية الكريمة بصيغة النفي: فَلا وَرَبِّكَ؛ للدلالة على شدة انتفاء المقسم عليه، وهو الإيمان، حتى تتحقق الشروط المذكورة، وهي الرضى بالتحكيم مع الانقياد والتسليم.

٢- أقسم الله- تعالى- بنفسه الكريمة على انتفاء الإيمان حتى يتم التحكيم والرضى، وأضاف ضمير المخاطب، والذي يعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم لزيادة تعظيم القسم والمقسم عليه. قال- تعالى-: فَلا وَرَبِّكَ.

٣- نفت الآية الإيمان ابتداء عن المسلم حتى يتم التحكيم، ونفي الإيمان أمر عظيم يدلّ على خطورة الأمر، وكان يمكن أن تأتي الآية بصيغة اشتراط اكتمال الإيمان فحسب.

قال الحافظ ابن كثير- رحمه الله-: (يقسم الله- تعالى- بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يحكّم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له ظاهرا وباطنا ولهذا قال: ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً، أي إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم فلا يجدون في أنفسهم حرجا مما حكمت به وينقادون له في الظاهر والباطن فيسلمون لذلك تسليما كليّا من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة) «٢» .

انتهى.


(١) انظر «الجامع لأحكام القرآن» ، (٥/ ٢٦٧) .
(٢) انظر تفسير القرآن العظيم، (١/ ٥٢١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>