للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ، والآيات في هذا كثيرة، كما أن الأحاديث في هذا أكثر من أن تعدّ وهو معلوم من دين الإسلام ضرورة أنه صلى الله عليه وسلم أرسل إلى الناس كلهم) «١» .

عن أبي هريرة: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «فضّلت على الأنبياء بستّ: أعطيت جوامع الكلم، ونصرت بالرّعب، وأحلّت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا، وأرسلت إلى الخلق كافّة، وختم بي النّبيّون» «٢» . وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «والّذي نفس محمّد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمّة يهوديّ ولا نصرانيّ ثمّ يموت ولم يؤمن بالّذي أرسلت به إلّا كان من أصحاب النّار» «٣» .

[بعض فوائد الحديثين:]

[الفائدة الأولى:]

تفضيل الله- تبارك وتعالى- لنبيه صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء- من جهة من أرسل إليهم؛ وذلك من وجهين:

[الوجه الأول:]

أن كل نبي كان يبعث في قومه خاصة، وبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى الناس عامة.

قال تعالى: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف: ١٥٨] .

[الوجه الثاني:]

أنه صلى الله عليه وسلم أرسل إلى الجن. قال تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ [الأنبياء: ١٠٧] .

[الفائدة الثانية:]

كثرة أعباء الرسالة التي تحملها النبي صلى الله عليه وسلم، دون سائر الأنبياء والمرسلين، إذ بعث إلى الخلق كافة، إنس وجن. ويتفرع عليه أن له صلى الله عليه وسلم من الأجر ما ليس لغيره. ومن أدلة كثرة أعبائه صلى الله عليه وسلم أن وفود الجن كانت تأتيه ويسألونه ما يحتاجون إليه.

روى البخاري في صحيحه: عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنّه كان يحمل مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم إداوة لوضوئه وحاجته فبينما هو يتبعه بها فقال: «من هذا؟» فقال: أنا أبو هريرة. فقال:

«ابغني أحجارا أستنفض بها ولا تأتني بعظم ولا بروثة» . فأتيته بأحجار أحملها في طرف ثوبي حتّى وضعتها إلى جنبه ثمّ انصرفت حتّى إذا فرغ مشيت فقلت: ما بال العظم والرّوثة!


(١) انظر «تفسير القرآن العظيم» ، (٢/ ٢٥٥- ٢٥٦) .
(٢) مسلم، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، برقم (٥٢٣) .
(٣) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>