للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك كثرة الأحاديث التي تظهر فضله، رضي الله عنه، وأحقيته بالخلافة وهى أكثر من أن نحصيها، ونذكر هنا ما (رواه البخاري) ، بإسناده عن محمّد بن جبير أنّ أباه جبير بن مطعم أخبره أنّ امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلّمته في شيء فأمرها بأمر فقالت: أرأيت يا رسول الله إن لم أجدك قال: إن لم تجديني فأتي أبا بكر «١» . زاد لنا الحميديّ عن إبراهيم بن سعد كأنّها تعني الموت.

فإن قال قائل: كلام النبي، صلى الله عليه وسلم، يدل على الواقع، ولا يدل على الأفضلية والأحقية الشرعية، لأبي بكر في الخلافة، قلت: لو كان الأمر يدل على الواقع فقط، لقال النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة: (إن لم تجديني فستجدي أبا بكر) ، ولكنه صلى الله عليه وسلم قال لها: «إن لم تجديني فأتي أبا بكر» ومن جهة أخرى، إن لم يكن أبو بكر، رضي الله عنه، هو الأحق بالخلافة، لوجود من هو أفضل منه، لأمرها النبي، صلى الله عليه وسلم، أن تذهب إلى الأفضل، وكيف لا يفعل ذلك، وهو الناصح الأمين لهذه الأمة، صلى الله عليه وسلم، فأعتقد أن في هذا الحديث إخبارا من الرسول، صلى الله عليه وسلم، بخلافة أبي بكر ورضائه بهذه الخلافة الراشدة.

[الفائدة الثالثة:]

وهي متفرقات:

١- تفاوت الصحابة رضي الله عنهم في بذل المال والنفس، لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن من أمن الناس علي» فذكر كلمة «أمنّ» على صيغة أفعل التفضيل، مما يدل على التفاوت.

٢- ليس بالمال وحده ينصر دين الله، ولكن يكون أيضا ببذل النفس، وهذا لا يعدمه أحد على قدر استطاعته، بل قدم النبي صلى الله عليه وسلم الصحبة على المال.

٣- أخوة الإسلام صلة وثيقة وعظيمة بين المسلمين، يجب على المسلمين اعتبارها في كل معاملاتهم وتصرفاتهم، حيث أثبتها النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر رضي الله عنه، ولو كان هناك ما هو أعظم من هذه الرابطة لأثبتها النبي صلى الله عليه وسلم، ولولا قوتها ومكانتها وفضلها، ما أثبتها النبي صلى الله عليه وسلم في مقام يريد فيه أن يكافئ أفضل الصحابة وأحبهم إليه صلى الله عليه وسلم.

٦- عدم أكل الصدقة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتي بطعام سأل عنه أهديّة أم صدقة؟ فإن قيل: صدقة قال لأصحابه: كلوا ولم يأكل وإن قيل: هديّة ضرب بيده صلى الله عليه وسلم فأكل معهم) «٢» .


(١) رواه البخاري، كتاب المناقب، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذا خليلا» ، برقم (٣٦٥٩) .
(٢) رواه البخاري، كتاب الهبة، باب: قبول الهدية، برقم (٢٥٧٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>