على قريش، حتى اضطروا إلى أكل ما يستقبح أكله كالجلد والحيوانات التي ماتت ونتنت، ثم استجاب الله لنبيه مرة أخرى فأنزل عليهم الغيث.
[فوائد الحديث]
وفي الحديث فوائد منها:
[الفائدة الأولى:]
حفاوة الله سبحانه وتعالى بنبيه إذ استجاب دعاءه وأنزل على قريش عذابا من جنس ما طلب النبي، بل زاد الأمر إلى أكلهم كل ما يتقذر ويستقبح، وهذا انتقام من الله عز وجل لمن كذب وآذى النبي صلى الله عليه وسلم، ويتفرع على ذلك تهديد كل الأمم التي تكذب بالكتاب والسنة بأن ينزل بهم ما نزل بقريش لما آذوا الله ورسوله، وما يحدث من جفاف أو أعاصير شديدة، وأوبئة وزلازل تدمر كل شيء، ليس ذلك ببعيد، ولو هلك في هذه الكوارث مسلمون صالحون، فإنهم يبعثون يوم القيامة على نياتهم، ولن يضرهم- إن شاء الله- أنهم أخذوا مع الكافرين، شريطة أن يكونوا قد أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر قدر استطاعتهم، وتغيرت وجوههم مما رأوا من المعاصي.
[الفائدة الثانية:]
إقرار كفار قريش باستجابة الله لدعاء النبي، مما يعني إقرارهم بصدقه؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يستجيب أبدا لمن يكذب عليه، أو من يريد أن يضلّ عباده، وذلك أنهم أقروا أن ما حدث لهم من جفاف كان بدعوته صلى الله عليه وسلم، كما أنهم طلبوا منه مرة أخرى أن يدعو الله بكشف ما هم فيه، فهذا إقرار آخر منهم، ويتفرع على ذلك، إيمانهم بوجود الله عز وجل، الذي يسمع الدعاء ويجيبه، وهذا ما وضحته في الحديث اللاحق.
[الفائدة الثالثة:]
وجوب أن يرى المسلم فضل الله عز وجل في إنزال رزق السماء، وهو المطر، وإخراج رزق الأرض، وهو النبات، وعلى العبد أن ينظر إلى حال من يفتقد هاتين النعمتين العظيمتين، وألايكون إيلافهما سببا في عدم رؤية فضل الله والشكر الجزيل عليهما، وأسوا ما في الأمر ألايشعر الإنسان بنعمة المولى عز وجل إلا بعد أن يفقدها.
[الفائدة الرابعة:]
إقرار كفار قريش بحسن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان يأمر به من طاعة الله وفضائل الأعمال والأقوال، لقول أبي سفيان:(يا محمد إنك تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم) وهذا يدل على أن كفرهم به صلى الله عليه وسلم إنما كان استكبارا عن الحق.
[الفائدة الخامسة:]
جواز الدعاء على الكافرين، بما قد يضر بعض المسلمين معهم، خاصة لو كان هذا الدعاء فيه مصلحة ترجح على الضرر الواقع بالمسلمين، وفيه أيضا؛