للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعهما.

[والشاهد الثاني:]

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقيم عائشة رضي الله عنها وراءه تنظر إلى بعض أهل الحبشة وهم يلعبون في المسجد.

[تنبيه:]

الحديث يشتمل على واقعتين، واقعة غناء الجاريتين في حجرة عائشة، وواقعة رؤية عائشة لوفد الحبشة وهم يلعبون بالحراب في المسجد، وقد ذكر ابن حجر رحمه الله أن بعض الرواة قد جمعوا الواقعتين في حديث واحد، وبعضهم أفردهما في حديثين منفصلين.

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

في الشمائل النبوية:

١- حكمته صلى الله عليه وسلم في التعامل مع المرأة صغيرة السن، ولو كانت زوجته، وتتجلى حكمته في علمه بما تحتاجه صغيرة السن فيتلمس رغباتها وما تتشوق نفسها إليه، فلا ينكر عليها حبّها لرؤية وفد الحبشة وهم يلعبون في المسجد، أو حبها لسماع غناء الجارية يوم عيد، بحجة أنها قد تزوجت، وتزوجت بمن؟ بقائد الأمة وقدوتها صلى الله عليه وسلم.

ونعلم من ذلك: أن تعاليم ديننا الحنيف، لا تصطدم مع فطرة الله التي فطر الناس عليها، حتى في اللعب واللهو، ورد في إحدى روايات البخاري «فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن حريصة على اللهو» «١» ، وهذا والله لأبلغ دليل على كمال وجمال الشريعة، وأنها حقّا من عند الله- تبارك وتعالى- الذي يعلم حاجات من خلق، قال تعالى: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك: ١٤] .

٢- ملاطفته لزوجاته وحب إدخال السرور عليهن، ويتبين ذلك من:

أ- إقراره صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها لسماعها غناء الجاريتين، ورد في الحديث:

(دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضطجع على الفراش وحول وجهه) ، ثم أمره صلى الله عليه وسلم أبا بكر أن يدع الجاريتين تغنيان، بل بلغ اهتمامه بالأمر أن أقبل على أبي بكر بوجهه ليأمره بذلك، ورد في الحديث: فدخل أبو بكر فانتهرني وقال: مزمار الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «دعهما» .

ب- عرضه صلى الله عليه وسلم على عائشة أن تقوم تنظر إلى لعب أهل الحبشة بالدرق والحراب في


(١) البخاري، كتاب: النكاح، باب: نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة، برقم (٥٢٣٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>