عمل النبي صلّى الله عليه وسلّم بأمر ربه فكان يستغفر لمن كان يأتيه بالصدقات، فقد روى الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: «اللهمّ صلّ عليهم» . فأتاه أبو أوفى بصدقته، فقال:«اللهمّ صلّ على آل أبي أوفى»«١» .
[الفائدة الثانية:]
في الآية دليل على تعظيم الصحابة رضي الله عنهم لدعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم وصلاته عليهم وتيقنهم أن دعاءه مقبول عند الله- تبارك وتعالى- فبدعائه صلّى الله عليه وسلّم تمحى السيئات وتقال العثرات وترفع الدرجات وتشفى الأمراض، ووجه استنباط ذلك من الآية: أن الله تبارك وتعالى- أبلغنا أن قلوب الصحابة تطمئن بدعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم.
[الفائدة الثالثة:]
إثبات فضيلة خاصة للصحابة رضي الله عنهم تميزوا بها دون سائر الأمة، ألا وهي استغفار النبي صلّى الله عليه وسلّم لهم وصلاته عليهم، ولم يضيعوا رضي الله عنهم هذه المزية ولم يفوتوها عليهم، فكثيرا ما كانوا يطلبون من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الدعاء لهم ولأولادهم، وقد أوردت شواهد على ذلك في باب:(استجابة دعائه صلّى الله عليه وسلّم) .
وإذا سأل سائل فقال: لماذا ميز الله- سبحانه وتعالى- الصحابة بهذه المزية وحرمنا منها؟ قلت: لأن الله تعالى علم أن الصحابة سيفعلون ما لن نفعل، وسيقدمون ما لن نقدم، فقد جاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، وضحوا بكل غال ونفيس لإعلاء كلمة التوحيد، فكان لهم السبق في نصرة الله ورسوله، فكان من عدل الله الحكيم الخبير أن يعطيهم ما لم يعطنا، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
ثم إن الله- تبارك وتعالى- لم يحرمنا- حاشا لله- لأن الحرمان معناه ألا يعطينا ما نستحق أو يمنعنا حقّا لنا- والله منزه عن ذلك. وإن فاتنا هذا الخير الكثير فإننا أدركنا أبوابا من الخير، نسأل الله- عز وجل- أن يتقبلها منا، ألا وإن أعظمها إيماننا وتصديقنا وحبنا للنبي صلّى الله عليه وسلّم ونحن لم نره. وما فعلنا ذلك إلا تصديقا بكلام ربنا- تبارك وتعالى-.
[الفائدة الرابعة:]
قال الشيخ السعدي رحمه الله: (في الآية استحباب الدعاء من الإمام أو نائبه- لمن أدى زكاته- بالبركة، وأن ذلك ينبغي أن يكون جهرا بحيث يسمعه المتصدق فيسكن إليه، ويؤخذ من المعنى أنه ينبغي إدخال السرور على المؤمنين بالكلام اللين والدعاء