المنزلة من عنده وأعظمها- بعد القرآن الكريم- التوراة والإنجيل.
[الفائدة الثانية:]
لم يتعبد الله سبحانه وتعالى هذه الأمة وحدها بالإيمان بخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، بل تعبد الله تبارك وتعالى أهل التوراة والإنجيل بالإيمان به صلى الله عليه وسلم بصفته واسمه ونعته، والدليل على ذلك أنّ ذكره صلى الله عليه وسلم قد جاء في كتبهم وفرض عليهم أن يؤمنوا بما أنزل من عند الله على وجه التفصيل ويتفرع عليه أن من كفر بالنبي صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب فقد كفر أولا بالكتاب الذي أنزل على نبيه.
[الفائدة الثالثة:]
جواز أن ينسب التحليل والتحريم والأمر والنهي إليه صلى الله عليه وسلم، من جهة أنه مبلغ الشرع عن الله سبحانه وتعالى سواء بالقرآن أو السنة. ورد في الآية الكريمة:
وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ [الأعراف: ١٥٧] .
[الفائدة الرابعة:]
فصاحة القرآن العظيم وبلاغته إذ قسّمت المهام، التي يضطلع بها النبي صلى الله عليه وسلم إلى ثلاثة جوانب كلية بألفاظ قليلة جامعة مانعة وهي:
أ- جانب دعوى:
يتمثل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ويتفرع عليه أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أركان هذا الدين، حيث ذكره الله- تبارك وتعالى- كأول مهام النبي صلى الله عليه وسلم، ويتفرع عليه أيضا بيان شرف من يقوم بهذه المهمة من عموم المسلمين حيث هي وظيفة الأنبياء.
ب- جانب تشريعي:
يتمثل في التحليل والتحريم، ونأخذ من الآية قاعدة أصولية عظيمة تنسحب على كل أمر لم يأت فيه نص، وهي: كل أمر اجتمع أهل الاختصاص من المسلمين أنه طيب لا ضرر منه فهو حلال، وكلّ أمر اجتمعوا على أنه ضار مفسد للصحة أو للعقل والمال ولا نفع فيه فهو حرام ولا يحتاج الفتوى بحل القسم الأول أو تحريم القسم الثاني إلى دليل خاص من الشرع، بل يكفي هذا الدليل العام وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ [الأعراف: ١٥٧] فالدخان مثلا نقطع أنه حرام ويأثم شاربه، لاجتماع أهل الاختصاص كلهم جميعا على ضرره البالغ الذي لا يقاربه النفع المتوهّم من شربه.
ج- جانب اجتماعي:
ويتمثل في التخفيف عن الأمة تلك التكاليف التي كانت تشق على الأمم السابقة.
ويؤخذ من هذا الجانب أن هذه الشريعة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيها أبدا ما يشق على الأمة أو يسبب لها العنت والحرج، وأن كل أصول وفروع هذه الشريعة قائمة