للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حرم الخير، أو من يحرم الرّفق يحرم الخير» . فتطابق قوله صلى الله عليه وسلم مع فعله، كما فعل مع الأعرابي في حديث الباب.

ومن أعظم أسباب افتقاد الأمة للقدوة في وقتنا الحاضر، ذلك الاختلاف الكبير بين ما يقوله الداعية وبين ما يفعله، ولكن على الناس ألاتضع كل أخطائها وزلاتها على هذه الشماعة؛ لأننا مأمورون أولا باتباع قدوتنا وهو النبي صلى الله عليه وسلم والدين حجة على الجميع، ولا أحد حجة على هذا الدين، فهذه حجة من يريد التكاسل والتفريط في الدين، أما من عنده غيرة على هذا الدين وفي قلبه حب لله ورسوله وحرص على فعل الطاعات وترك المنكرات، فلا يبحث عن الأعذار ولا يبالي إن وجد القدوة في الناس أو لا.

الفائدة الثّانية:

وجوب أن يحرص المسلمون على نظافة وطهارة المساجد، كلّ قدر استطاعته، وليعلم كل مسلم أن تنظيف المساجد من أنواع القربات، فلا ينبغي أن يحرم المسلم نفسه من هذه القربة، ولا يشترط أن يكون خادما للمسجد حتى يقوم بها، بل يكفي كلما دخل أو خرج من المسجد أن يتفقد حال المسجد ويلتقط ما استطاع من قاذورات وغيرها.

الفائدة الثّالثة:

على المسلم أن يحرص على أداء الصلوات في جماعة المسجد، وأن يكثر من ذكر الله وقراءة القرآن في المسجد؛ لأن هذه الأعمال هي المقصودة من بناء المساجد، قال صلى الله عليه وسلم: «إنما هي لذكر الله- عز وجل- والصلاة وقراءة القرآن» .

الفائدة الرّابعة:

لم يقتصر حسن تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه على طريقة النصح والإرشاد، ولكن تعدى حسن التعليم ليشمل اختيار الوقت المناسب للموعظة، ويأتي ذلك بعدم توجيه المواعظ والإرشاد في كل وقت وفي كل مناسبة، حتى لا يشعر الإنسان بالملل والسامة، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يتخوّلنا بالموعظة في الأيّام كراهة السّامة «١» علينا) «٢» .

وهذا يدل أيضا على عظيم حكمته صلى الله عليه وسلم حيث وازن بين مصالح المواعظ وبين مفاسد الكراهة والسامة.


(١) السامة: أي الملل.
(٢) البخاري، كتاب العلم، باب: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم ... ، برقم (٦٨) ، مسلم، كتاب: صفة المنافقين وأحكامهم، باب: الاقتصاد في الموعظة، برقم (٢٨٢١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>