للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخفى على أحد ما تنطوي عليه هذه المعجزة من تكريم للنبي صلى الله عليه وسلم وإظهار لفضله وسبقه على الأولين والآخرين.

٥- ظهور حرصه صلى الله عليه وسلم على نصح الأمة، وتعبيدها لله عز وجل وبيان ما وقعت فيه من خطأ حال وقوعه، وذلك أن الناس ظنوا أن كسوف الشمس حدث بسبب موت ابنه إبراهيم عليه السلام فقام فيهم فقال: «يا أيها الناس إنما الشمس والقمر آيتان من آيات الله وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس» .

[الفائدة الخامسة:]

بيان عظيم قدرة الله سبحانه وتعالى، ويتمثل ذلك في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم الجنة والنار في مكانه، ورؤية كل ما توعد به الأمة إلى يوم القيامة، يرى ذلك ويعقله، ولا يراه أحد غيره، ممن يقف وراءه حتى دنت منه النار بلهيبها وحرها، كما أن قدرته، سبحانه وتعالى، تتمثل أيضا في قصر الوقت الذي استغرقته تلك المعجزة العظيمة، خاصة أنه رأى كل ما وعدت به الأمة، يتفرع على ذلك، أن قدرة الله عز وجل، لا يعقلها عقل، ولا يحدها وصف، ولا يعجزها شيء، فعلى المسلم ألايقيس تلك الأخبار على قدرة الإنسان المحدودة، بل يسلم بكل ما ورد بالكتاب والسنة دون إدخال العقل، اللهم إلا في التفكر في عظيم قدرة الله سبحانه وتعالى.

[الفائدة السادسة:]

بيان أن الجنة والنار مخلوقتان الآن، ولله الحكمة البالغة في ذلك، بل فيهما من يعذب وينعم، لما ورد في هذا الحديث من تعذيب صاحبة الهرة، أما التنعيم في الجنة، فقد روى البخاري: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر: «يا بلال حدّثني بأرجى عمل عملته في الإسلام؛ فإنّي سمعت دفّ نعليك بين يديّ في الجنّة؟» قال: ما عملت عملا أرجى عندي أنّي لم أتطهّر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلّا صلّيت بذلك الطّهور ما كتب لي أن أصلّي «١» .

أما كيف دخلت هذه المرأة النار قبل يوم القيامة، فهذا غيب، ليس عندنا علم به من كتاب أو سنة، فلا نخوض فيه.

[الفائدة السابعة:]

بطلان قول من يقول: إن الكسوف والخسوف ظواهر طبيعية، لا علاقة لها بأعمال العباد، وأنه لا ينبغي لنا أن نخاف من حدوثها أو كثرة تكرارها، فقد ورد في رواية عند البخاري: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن الله تعالى يخوف بها عباده» ، وفي رواية عنده أيضا: «فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى


(١) رواه البخاري، كتاب الجمعة، باب: فضل الطهور بالليل والنهار ... ، برقم (١١٤٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>