واعلم أخي المسلم أن كل ما ستفعله في حق نبيك وسنته وأصحابه، ستجده في موازين حسناتك أضعافا كثيرة، ستكون أول من يفرح بها يوم القيامة، مثال ذلك ما رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وفيه:«إذا سمعتم المؤذّن فقولوا مثل ما يقول، ثمّ صلّوا علّي؛ فإنّه من صلّى عليّ صلاة صلّى الله عليه بها عشرا، ثمّ سلوا الله لي الوسيلة فإنّها منزلة في الجنّة لا تنبغي إلّا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلّت له الشّفاعة»«١» .
وأقول أخيرا: إن كل من يحب يبذل من وقته وجهده وعقله لمن أحب، وكلما زاد الحب زاد البذل، فانظر أخي السلم كم تبذل لتعرف كم تحب، والسعيد هو الذي أحب وبذل، أما النبي صلى الله عليه وسلم فقد وعده الله عز وجل المقام المحمود واللواء المعقود والكوثر المقصود، والله سيفي له بالوعد ولو لم يؤمن به أحد إلى يوم القيامة.
والذي ذكرت في هذه الفائدة هو مقصودي الأول من هذا الكتاب.
[الفائدة السابعة:]
الأدب الجمّ الذي كان عليه نبينا صلى الله عليه وسلم مع ربه في الدعاء، حيث لم يدع بإمساك المطر، لما هدم البناء وغرق المال؛ لأن المطر نعمة من الله، وهو رزق السماء، فكيف ندعو بتوقفه، ولكن الأدب أن ندعو بالسلامة من أضراره، مع الانتفاع من إدراره، فكانت دعوته صلى الله عليه وسلم:«اللهم حوالينا ولا علينا» ، وتحقق المراد من الدعوة.
ويتفرع على ذلك عدم تأدب من يدعو على أولاده بالهلاك، وهم نعمة من الله سبحانه وتعالى، فإن رأى منهم شيئا، فعليه أن يدعو لهم بالصلاح والتقوى، ويجتهد في الأسباب العملية لهدايتهم مع الدعاء.
[الفائدة الثامنة:]
مشروعية التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بأهل الفضل والصلاح، لقول الأعرابي:(فادع الله لنا) ، ولو كان دعاء الأعرابي والنبيّ سواء، لأعلم النبيّ الأعرابيّ بذلك، وحيث لم يأت أن التوسل لله، خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، علمنا مشروعية طلبه من جميع أهل الصلاح والتقوى، ولكن بشرطين عظيمين:
[الشرط الأول:]
أن يكون المتوسّل به إلى الله عز وجل حيّا وليس بميت، لما (رواه البخاري) عن أنس بن مالك: (أنّ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى
(١) رواه مسلم، كتاب الصلاة، باب: استحباب القول مثل قول المؤذن ... ، برقم (٣٨٤) .