للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

من المهام العظيمة للأنبياء تحذير أقوامهم من الفتن، وهذا يدل على شفقة الأنبياء بمن بعثوا إليهم. نقل الإمام بن حجر- رحمه الله- عن ابن العربي قوله:

«إنذار الأنبياء قومهم بأمر الدجال تحذير من الفتن وطمأنينة لها حتى لا يزعزعها عن حسن الاعتقاد» «١» .

[الفائدة الثانية:]

تفضيل الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء، من حيث تخصيصه هنا ببعض العلوم التي لم يشاركه فيها نبي من قبله، يتمثل ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: «ولكني سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه: إنه أعور» ولا يقال: إن الأنبياء من قبله صلى الله عليه وسلم كانوا يعرفون هذه الخصلة في الدجال ولم يذكروها لقومهم؛ لأن هذا القول قدح في الأنبياء، حيث يقتضي أنهم أخفوا شيئا من الوحي وهذا محال في حقهم صلوات الله وسلامه عليهم جميعا.

ويتفرع عليه تفضيل الله سبحانه وتعالى هذه الأمة على سائر الأمم السابقة من نفس الحيثية.

قال الإمام ابن حجر- رحمه الله- (قيل: إن السر في اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بالتنبيه المذكور مع أنه أوضح الأدلة في تكذيب الدجال، أن الدجال إنما يخرج في أمته دون غيرها ممن تقدم من الأمم) «٢» وأقول: لا يناقض ما قال الحافظ- رحمه الله- ما ذكرته آنفا.

[الفائدة الثالثة:]

عظيم فتنة الدجال، ودليله من الحديث أن كل نبي يحذر أمته من شره المستطير، وذلك لما أعطاه الله سبحانه وتعالى من أمور خارقة للعادة لا يقدر عليها إلا هو سبحانه وتعالى، روى مسلم في صحيحه، عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: حدّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا طويلا عن الدّجّال فكان فيما حدّثنا به قال: «يأتي الدّجّال وهو محرّم عليه أن يدخل نقاب المدينة بعض السّباخ الّتي بالمدينة فيخرج إليه يومئذ رجل هو خير النّاس- أو من خير النّاس- فيقول: أشهد أنّك الدّجّال الّذي حدّثنا عنك رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه فيقول الدّجّال: أرأيت إن قتلت هذا ثمّ أحييته هل تشكّون في الأمر؟! فيقولون: لا فيقتله ثمّ يحييه فيقول حين يحييه: والله ما كنت قطّ أشدّ بصيرة منّي اليوم فيقول: الدّجّال أقتله، فلا أسلّط عليه» «٣» ومن رحمة الله تعالى بهذه الأمة أن حفظها من فتنة الدجال العظيمة بعمل قليل وهو


(١) انظر فتح الباري (١٣/ ٩٦) .
(٢) انظر فتح الباري (١٣/ ٩٦) .
(٣) رواه مسلم، كتاب الفتن، باب: في صفة الدجال، برقم (٢٩٣٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>