للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ [القمر: ١٩] .

٢- ما أوتيه النبي صلى الله عليه وسلم من جوامع الكلم في الدعاء، وأن هذا كان مسلكه دائما صلى الله عليه وسلم حيث جمع كل ما تأتي به الريح من أمور نافعة في قوله: «خيرها وخير ما فيها» ، وجمع كل ما تأتي به الريح من مضار ودمار في قوله: «من شرها وشر ما فيها» وعليه فإن الأحب إلى الله سبحانه وتعالى- في الدعاء: الإجمال لا التفصيل.

١٠- رحمته وشفقته صلى الله عليه وسلم:

بلغت رحمة النبي صلى الله عليه وسلم مبلغا عجيبا في الكمال والسعة، حيث شملت تلك الرحمة كل الناس؛ الضعيف منهم والقوي، السيد منهم والعبد، القريب منهم والبعيد، الصاحب منهم والعدو، بل امتدت تلك الرحمة لتشمل الجن والبهائم، والأعجب من ذلك كله أنها شملت جذع الشجرة الذي كان صلى الله عليه وسلم يخطب عليه الجمعة، حيث نزل من على المنبر يهدهده ويضمه إليه حتى سكت عنه الأنين، ولا غرابة من ذلك فالذي أوجد في قلبه كل تلك الرحمات هو الله الخالق البارئ، يصدق ذلك قوله تعالى: فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ الآية [آل عمران: ١٥٩] .

وذرني أخي الكريم أضع بين يديك تلك الصفة العجيبة في المواقف المختلفة على نحو ما سترى:

أ- شفقته صلى الله عليه وسلم بالأطفال:

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن عليّ وعنده الأقرع بن حابس التّميميّ جالسا، فقال الأقرع: إنّ لي عشرة من الولد ما قبّلت منهم أحدا. فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمّ قال: «من لا يرحم لا يرحم» «١» .

الشّاهد في الحديث:

قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من لا يرحم لا يرحم» . وجاء هذا القول في سياق الرد على من لا يقبل أولاده.

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

عظيم شفقة النبي صلى الله عليه وسلم بالأطفال، ومن مظاهر تلك الشفقة:


(١) البخاري، كتاب: الأدب، باب: رحمة الولد وتقبيله ... ، برقم (٥٩٩٧) ، مسلم، كتاب: الفضائل، باب: رحمته صلى الله عليه وسلم الصبيان ... ، برقم (٢٣١٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>