نائل وناضح) . قال ابن حجر- رحمه الله- (معناه: فمنهم من ينال منه شيئا، ومنهم من ينضح على غيره شيئا مما ناله ويرش عليه بللا مما حصل له) . انتهى.
وتدبر أخي القارئ، أن الصحابة رضي الله عنهم قد رجوا البركة من مجرد النضح، ليقينهم أنه لن تعدم البركة فيه، وكيف تعدمه وهذا الماء قد لامس جسد النبي صلّى الله عليه وسلّم.
[الفائدة الثانية:]
حب النبي صلّى الله عليه وسلّم لأصحابه رضي الله عنهم وحرصه على تعليمهم ما يجلب لهم الخير، ويدفع عنهم الشر، بإذن الله تعالى، حيث كان صلّى الله عليه وسلّم يأمر أصحابه بشرب فضلة وضوئه، بل ومجّته، قال أبو موسى:(ثم قال لهما: اشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونحوركما) .
[الفائدة الثالثة:]
تعظيم الصحابة رضي الله عنهم لآثار النبي صلّى الله عليه وسلّم وما كان ذلك إلا ليقينهم التام، الذي لا يخالطه أدنى شك، بصدق نبوته، وحبّ الله- سبحانه وتعالى- له، مع تأييده بالمعجزات الباهرات، ومما يدل على ما ذكرت من حديث الباب:
١- تمسحهم رضي الله عنهم بفضل وضوئه صلّى الله عليه وسلّم فما كانوا يكتفون بالشرب بل كانوا يمسحون بهذا الماء جميع جسدهم طمعا لتعميم البركة، قال الراوي:(فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيتمسحون به) .
٢- من لم يستطع منهم أن ينال من فضلة وضوئه صلّى الله عليه وسلّم نضح من يد أخيه، كما بينت قريبا، وأعتقد أن من فعل ذلك خاف ألايدرك جزآ ولو يسيرا من الماء فاضطر للنضح، حتى لا يخرج صفر اليدين، فيشق عليه حرمانه، بينما نال الآخرون بغيتهم.
٣- لم يقتصر الحرص على نيل بركة وضوئه صلّى الله عليه وسلّم على أصحابه رضي الله عنهم بل تعدى إلى زوجاته، أمهات المؤمنين، رضي الله عنهن، وهذا عجيب جدّا جدّا لمن تدبره، فأزواجه اللائي ينلن من حبه والقرب منه وبركته، ما لا يمكن أن يناله غيرهن، لم يزهدن في فضلة وضوئه، ورد في إحدى روايات البخاري من قول أبي موسى:(فنادت أم سلمة من وراء الستر أن أفضلا لأمكما، فأفضلا لها منه طائفة) .
ألم تكن أم المؤمنين، أم سلمة رضي الله عنها، في يوم نوبتها، تأكل وتشرب مع النبي صلّى الله عليه وسلّم أما كانت تنام على الفراش الذي ينام عليه، أما كانت تشرب من فضلة وضوئه كلما كان عندها، بل أما كانت تغتسل معه، وأكثر من ذلك بكثير، لماذا لم تكتف بكل ذلك، لماذا لم تؤثر الصحابة بهذه الفضلة، وهم الذين لم يشاركوها فيما ذكرت، هل لأن الزهد في الخير