للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبيين أن يؤمنوا به وأن يأمروا أممهم بالإيمان به، ثم شهر ذكره في أمته فلا يذكر الله إلا ذكر معه) . انتهى كلام ابن كثير «١» .

[وقال القرطبي:]

(وروي عن الضحاك عن ابن عباس، قال: يقول له: ما ذكرت إلا ذكرت معي في الأذان، والإقامة والتشهد، ويوم الجمعة على المنابر، ويوم الفطر، ويوم الأضحى، وأيام التشريق، ويوم عرفة وعند الجمار، وعلى الصفا والمروة، وفي خطبة النكاح، وفي مشارق الأرض ومغاربها. ولو أن رجلا عبد الله- جل ثناؤه-، وصدّق بالجنة والنار وكل شيء، ولم يشهد أن محمدا رسول الله، لم ينتفع بشيء وكان كافرا.

[وقيل:]

أي أعلينا ذكرك، فذكرناك في الكتب المنزلة على الأنبياء قبلك، وأمرناهم بالبشارة بك، ولا دين إلا ودينك يظهر عليه.

[وقيل:]

رفعنا ذلك عند الملائكة في السماء، وفي الأرض عند المؤمنين، ونرفع في الآخرة ذكرك بما نعطيك من المقام المحمود، وكرائم الدرجات) «٢» .

وقال الشيخ السعدي- رحمه الله

-: (وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ أي: أعلينا لك قدرك وجعلنا لك الثناء الحسن العالي الذي لم يصل إليه أحد من الخلق، فلا يذكر الله إلا ذكر معه رسول صلى الله عليه وسلّم كما في دخول الإسلام وفي الأذان والإقامة والخطب وغير ذلك من الأمور التي أعلى الله بها ذكر رسوله محمد صلى الله عليه وسلّم، وله في قلوب أمته من المحبة والإجلال والتعظيم ما ليس لأحد غيره، بعد الله تعالى، فجزاه الله عن أمته أفضل ما جزي نبيّا عن أمته) .

انتهى «٣» .

بعض الفوائد المستفادة من قول الله تعالى: وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ.

[الفائدة الأولى:]

في الصيغة التي وردت بها الآية:

١- اقترن فعل (رفع) ب (نا) التي تفيد التعظيم لله- عزّ وجلّ- وفائدة ذلك هو تعظيم أمر الرفع ومعرفة قدر المرفوع ذكره إذا استشعرنا عظمة من تكفل بذلك. وإذا كان رفيع القدر- سبحانه وتعالى- هو الذي تكفل برفع ذكر النبي صلى الله عليه وسلّم، ويذكر ذلك في القرآن الكريم في سياق الثناء والمدح على رسوله صلى الله عليه وسلّم مع تذكيره بنعم الله عليه التي لا تعد ولا تحصى، فيصعب علينا أن نتخيل قدر هذا الرفع وعلو شأنه.


(١) تفسير ابن كثير (٤/ ٥٢٥) .
(٢) الجامع لأحكام القرآن (٢٠/ ١٠٧) .
(٣) تيسير الكريم الرحمن (٩٢٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>