للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة: ٩٠] .

٢- نسخ الحكم إلي ما هو أيسر:

ومثاله قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ [البقرة: من الآية ١٨٧] ، فنسخ تحريم الجماع بعد الاستيقاظ من النوم ليالي الصيام، وأصبح مشروعا إلى الفجر، في كل الأحوال.

ومثاله أيضا: نسخ وجوب الثبات وعدم التولي أمام الكفار إن كانوا عشرة أمثال عدد المسلمين، قال تعالى: إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا [الأنفال: من الآية ٦٥] ، ثم نسخ الأمر بقوله: الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ [الأنفال: من الآية ٦٦] ، فأجاز الله- عز وجل- التولي إذا كان عدد الكفار أكثر من ضعف عدد المسلمين.

٣- نسخ الحكم إجمالا دون تشريع حكم آخر:

ومثاله نسخ الأمر بالصدقة قبل مناجاة النبي صلّى الله عليه وسلّم، قال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المجادلة: ١٢] ، ونسخ الأمر بالصدقة بقوله تعالى: أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ [المجادلة: ١٣] .

٤- نسخ الأمر إلى الأحسن:

كنسخ التوجه نحو بيت المقدس، وهذا ليس فيه أصعب أو أسهل.

وقد استفضت قليلا، في آية النسخ، للرد على من يدعي عدم جوازه في الشرع.

[الفائدة الثالثة:]

مسارعة الصحابة رضي الله عنهم في طاعة الله ورسوله، حيث سمع الصحابة، وهم راكعون في الصلاة من ينادي بتحويل القبلة، فبادروا بالتوجه قبل المسجد الحرام، والعجيب أنهم لم ينتظروا انتهاء الصلاة، ليتيقنوا الخبر من النبي صلّى الله عليه وسلّم، أو يستفسروا منه عن الحكمة، في واحدة من أعظم شعائر الإسلام، وهي القبلة، بل لم يقولوا: نبدأ من الفريضة القابلة، بل توجهوا على هيئتهم وهم راكعون، وهذا منتهى الطاعة والامتثال لأوامر الشرع، مع الأدب الجم مع الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم.

[الفائدة الرابعة:]

بيان ما كان عليه الصحابة- رضي الله عنهم جميعا- من الحرص على تبليغ أوامر الشرع، والفقه في الدين، أما الحرص فنأخذه من قول الراوي: (فخرج رجل ممن صلى مع النبي صلّى الله عليه وسلّم فمر على أهل مسجد وهم راكعون فقال: أشهد بالله لقد صليت مع

<<  <  ج: ص:  >  >>