للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أمّ أبي هريرة، فحمد الله وأثنى عليه وقال خيرا، قال: قلت: يا رسول الله ادع الله أن يحبّبني أنا وأمّي إلى عباده المؤمنين ويحبّبهم إلينا، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهمّ حبّب عبيدك هذا يعني أبا هريرة وأمّه إلى عبادك المؤمنين وحبّب إليهم المؤمنين» فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلّا أحبّني) «١» .

(رواه مسلم) .

[الشاهد في الحديث:]

أن النبي صلى الله عليه وسلم، قد دعا لأم أبي هريرة، بأن يهديها الله للإسلام، فما بلغ أبو هريرة البيت، إلا وقد أسلمت أمه، بعد أن كانت منذ وقت قصير جدّا، تقول في النبي صلى الله عليه وسلم ما نكره جميعا، فاستجاب الله عز وجل دعوة نبيه على الفور، وأسلمت المرأة وهي وحدها في بيتها، دون أن يدعوها أحد للإسلام، أي أسلمت بالدعاء وحده.

ولنقف- أخي المسلم- على عظيم بركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، اسمع لقول أبي هريرة آخر الحديث لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم له أن يحببه وأمه إلى عباد الله المؤمنين، قال: (فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني) ، أي أن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتصر على المؤمنين في وقت الدعاء، ولم يقتصر على المؤمنين الذين رأوا أبا هريرة وتعاملوا معه، بل عم الدعاء كل المؤمنين في زمن النبوة وما بعدها، وشمل كل من سمع عن أبي هريرة، حتى وإن لم يره، وهذا مشاهد لا ينازع فيه أحد. وعلى المسلم أن يقف مليّا عند هذا الدعاء ليتدبره ويزيد به إيمانه.

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

وجوب دعوة غير المسلمين إلى الإسلام، خاصة ذوي القربى؛ لأنهم أولى بالمعروف، قال تعالى: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [الشعراء: ٢١٤] ، وعلى المسلم ألا يمل من دعوتهم، ويكرر عليهم الدعوة ما أمكنه، لقول أبي هريرة: (كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشكرة فدعوتها يوما) وعلى المسلم أيضا أن يدعو لغير المسلمين بالهداية، كما فعل أبو هريرة.

[الفائدة الثانية:]

ما يجب أن يكون عليه المسلم من غيرة على محارم الله، خاصة الأنبياء، وأن يحزن لما يسوءهم وينال من أعراضهم، وعليه أن يظهر ذلك؛ لأن أبا هريرة كان يدعو


(١) رواه مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي هريرة الدوسي رضي الله عنه، برقم (٢٤٩١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>