للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بعض فوائد الآيتين الكريمتين:]

[الفائدة الأولى:]

نزلت الآيتان الكريمتان عند عودة النبي صلى الله عليه وسلم من الحديبية، روى البخاري في صحيحه عن قتادة أنّ أنس بن مالك حدّثهم قال: لمّا نزلت: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ... إلى قوله: فَوْزاً عَظِيماً مرجعه من الحديبية وهم يخالطهم الحزن والكابة وقد نحر الهدي بالحديبية، فقال: «لقد أنزلت عليّ آية هي أحبّ إليّ من الدّنيا جميعا» «١» .

أما مناسبة نزول الآيات بعد صلح الحديبية، فقال الإمام القرطبي رحمه الله: (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لكي يجمع الله لك مع الفتح المغفرة فيجمع الله لك به ما تقر به عينك في الدنيا والآخرة) «٢» ، وقال صاحب التفسير الميسر: (فتحنا لك ذلك الفتح ويسرناه لك ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر بسبب ما حصل من هذا الفتح من الطاعات الكثيرة وبما تحملته من المشقات، ويتم نعمته عليك بإظهار دينك ونصرك على أعدائك ويرشدك طريقا مستقيما من الدين لا عوج فيه) «٣» .

[الفائدة الثانية:]

الفتح المبين الذي ذكر في القرآن هو صلح الحديبية، وليس فتح مكة كما يتبادر للذهن، ودليله ما رواه البخاري عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه قال: (تعدّون أنتم الفتح فتح مكّة وقد كان فتح مكّة فتحا ونحن نعدّ الفتح بيعة الرّضوان يوم الحديبية) «٤» .

قال الإمام ابن كثير رحمه الله: (فتحا مبينا: أي بينا ظاهرا والمراد به صلح الحديبية فإنه حصل بسببه خير جزيل وآمن الناس واجتمع بعضهم ببعض وتكلم المؤمن مع الكافر وانتشر العلم النافع والإيمان) «٥» .

[الفائدة الثالثة:]

الآيتان الكريمتان ما هما إلا ظاهرة قرآنية في الاحتفاء بالنبي المجتبى والرسول المصطفى، تدلل على عظيم حب الله لنبينا صلى الله عليه وسلم، يتبين ذلك من:


(١) بنحو مشابه أخرجه البخاري، كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية، برقم (٤١٧٢) ، كلاهما من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٢) انظر «الجامع لأحكام القرآن» ، (١٦/ ٢٦٢) .
(٣) انظر «التفسير الميسر» .
(٤) البخاري، كتاب: المغازي، باب: غزوة الحديبية، برقم (٤١٥٠) .
(٥) انظر «تفسير القرآن العظيم» ، (٤/ ١٨٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>