للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشعر، ومثاله ما رواه البخاري في صحيحه:

هل أنت إلا إصبع دميت ... وفي سبيل الله ما لقيت

وكذا قوله صلّى الله عليه وسلّم:

أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب

وقال الإمام القرطبي: من وافق وزنه وزن الشعر، ولم يقصد به شعرا فليس بشعر، ولو كان شعرا لكان كل من نطق بموزون من العامة الذين لا يعرفون الوزن شاعرا) «١» .

الفائدة الثّالثة:

اعتناء القرآن الكريم بالرد على شبهات الكفار حول النبي صلّى الله عليه وسلّم حيث لما اتهموه صلّى الله عليه وسلّم أنه شاعر في قوله تعالى: أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ [الطور: ٣٠] ، رد الله عليهم شبهتهم بنفي تعلمه صلّى الله عليه وسلّم الشعر، قال الشيخ السعدي رحمه الله: (حسم الله جميع الشبه التي يتعلق بها الضالون على رسوله صلّى الله عليه وسلّم، فحسم أن يكون يكتب أو يقرأ، وأخبر أنه ما علّمه الشعر وما ينبغي له) «٢» .

وسيأتي الرد على كل شبهات الكافرين مبسوطا إن شاء الله تعالى.

الفائدة الرّابعة:

أثبتت الآية الكريمة صفة البيان لهذا القرآن، فهو بيّن في نفسه، فلا شبهة فيه ولا التباس، ولا تناقض فيه ولا اعوجاج، بيّن الدلالات واضح الآيات، كما أنه قد أبان كل شيء، الحق من الباطل، والهدي من الضلالة، والمستقيم من المعوج وذلك بتصريف الآيات، وضرب المثلات، وجمع المتماثلات، والتفريق بين المتناقضات، فسبحان الذي رفع ذكره، وأعلى شأنه، فجعله بيّنا في نفسه غاية البيان، مبينا لغيره غاية التبيان، ويتفرع على ذلك الفائدة التالية.

[الفائدة الخامسة:]

أن في القرآن غنى عما سواه، من علوم الفلسفة والمنطق وغيرها، فلا ينبغي لنا أن نطلب الهداية من تلك العلوم- التي غالبا ما تعارض القرآن- وقد أنزل الله علينا كتابا بينا مبينا، أنار لنا الطريق، وبين لنا السبيل، فأغنانا عن كل بديل، كما يتفرع عليه أن كل من تدبر القرآن ولم يهتد، فهو إما جاهل بلغة القرآن، وإما مستكبر عن الحق، لأن في القرآن غاية البيان.


(١) الجامع لأحكام القرآن (١٥/ ٥٥) .
(٢) تفسير السعدي (٦٩٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>