للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التنبيه الثاني: [قول (كرم الله وجهه) بعد أن يذكر علي بن أبي طالب]

أقوله لأننا كنا بصدد الكلام عن الخليفة الراشد، علي بن أبي طالب رضي الله عنه والتنبيه هو أن كثيرا من الناس يفضلون أن يقولوا بعد ذكر علي (كرم الله وجهه) ، بدلا من (رضي الله عنه) ، وهذا غلط، لأن الترضي عنه هو دعاء له، أما (كرم الله وجهه) فهذا من باب الخبر الذي يغني معرفته وقوله مرة واحدة، ومعلوم أن الدعاء خير من الخبر وأنفع للناس، كما أن تبريرهم لهذا القول بأن عليّا لم يسجد لصنم قط، لذلك نقول: (كرم الله وجهه) ، هذا ليس بتبرير فكثير من الصحابة لم يرد أنهم سجدوا لصنم، فلماذا نختص عليّا رضي الله عنه بهذا القول، بل لماذا نحرمه من الدعاء له برضوان الله- سبحانه وتعالى- والكل في حاجة لهذا الدعاء ولو كانوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

[الدرس الحادي والثلاثون: في قول الرسول:]

«من يعذرني من رجل بلغني أذاه في أهلي» ، أي: من يلتمس لي العذر إن عاقبت رجلا على قبح ما صنعه معي، أو من ينصرني عليه، ففيه أن الرجل إذا أراد أن يعاقب أحدا على سوء فعله معه، خاصة إذا كان من أصحابه، فعليه أن يخبر القوم بما حدث حتى يعذروه فلا يلوموه، وينصروه ولا يخذلوه، وحتى لا يفاجأ القوم، خاصة أهل قرابة الخصم، بما سيحدث، كما أن في هذا الإبلاغ فائدة أخرى، وهي أنه قد يكون في القوم من يدله على أمر يكون أصوب مما يراه.

وفي بقية كلامه صلى الله عليه وسلم ثناء على عائشة، وعلى الصحابي صفوان بن المعطل- رضي الله عنهم جميعا-.

[الدرس الثاني والثلاثون: في قيام سعد بن معاذ سيد الأوس]

، وسعد بن عبادة سيد الخزرج، وفيما قالوه، فوائد منها:

١- ما كان عليه الصحابة من حب النبي، وفدائه ولو بأهل قرابتهم وعشيرتهم، والكل يعلم ما كان عليه العرب من المناصرة والدفاع حتى الموت عن أهل القرابة، فلم يقل سعد بن معاذ: من هو يا رسول الله، أو يقول خبّرنا عنه ونحن نستقصي أمره إن أخطأ حاسبناه، أو أي كلمة مشابهة، بل قال: (إن كان من الأوس ضربنا عنقه) : أيّا كان الرجل ومكانته في القوم، ما علينا يا رسول الله إلا أن نقتله، دون أن يستقصوا هل فعل أم لا، ألم يقل الصادق المصدوق: «بلغني أذاه في أهلي» أبعد قوله قول، كيف لا يصدقونه والله قد استأمنه على وحيه؟ أفلا نستأمنه نحن على خبره في رجل آذاه، وقد حكم سعد على الرجل

<<  <  ج: ص:  >  >>