للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسدى إلينا معروفا، وألا نتنكر لأصحاب الفضل بعد أن يقضي الله لنا حوائجنا بفضل شفاعتهم.

[الفائدة الثامنة:]

ما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من رقة القلب، وهذا ما يجب أن يكون عليه حال المسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ذم الفظ الغليظ، روى البخاري، عن معبد بن خالد قال:

سمعت حارثة بن وهب الخزاعيّ قال: سمعت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «ألا أخبركم بأهل الجنّة؟

كلّ ضعيف متضعّف لو أقسم على الله لأبرّه، ألا أخبركم بأهل النّار؟ كلّ عتلّ جوّاظ مستكبر» «١» ، انظر إلى أبي هريرة بكى في الأولى من الحزن، وبكى في الآخرة من الفرح، وهذه عائشة رضي الله عنها تحكي عن أبيها فيما (رواه البخاري) (إن أبا بكر رجل أسيف إذا قام في مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس) «٢» ، والأسيف، هو رقيق القلب، كثير البكاء، ومن يرى في نفسه قلة البكاء، فعليه أن يبكي على حاله.

[الفائدة التاسعة:]

على المسلم أن يستزيد من الخير، خاصة إذا كان في حضرة الصالحين، وقد ذكرت ذلك، في حديث أم حرام، ويبدو هنا أن أبا هريرة قد أغراه استجابة الله دعاء نبيه بهداية أمه، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله أن يحببه وأمه إلى عباده المؤمنين، ويحبب المؤمنين إليهم.

[الفائدة العاشرة:]

فضيلة الحب في الله عز وجل، وهو أن تحب المؤمنين، وأن يحبك المؤمنون، ليس لغرض دنيوي، ولكن لكونك مؤمنا وهم مؤمنون، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الحب، فروى البخاري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث من كنّ فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه ممّا سواهما، وأن يحبّ المرء لا يحبّه إلّا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النّار» «٣» .

والدليل على فضيلة الحب من الحديث، أن أبا هريرة، سأل النبي أن يحبب فيه المؤمنين وأن يحببه إلى المؤمنين، وما ذاك إلا لفضيلة الحب في الله، ولو لم يكن ذلك شيئا مستحبا شرعا، ما أقره النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الطلب، بل دعا له به، واستجاب الله الدعاء.

[الفائدة الحادية عشرة:]

على كل مؤمن أن يحب أبا هريرة وأمه، وأن يجد في قلبه أثر هذا الحب، ومن لم يجده، فعليه أن يقرأ مناقب أبي هريرة وأمه، حتى يتشبع قلبه بحبهما، فإن لم


(١) رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن، باب: عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ [القلم: ١٣] ، برقم (٤٩١٨) .
(٢) رواه البخاري، كتاب الأذان، باب: حد المريض أن يشهد الجماعة، برقم (٦٦٤) .
(٣) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب: حلاوة الإيمان، برقم (١٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>