قوله صلى الله عليه وسلم:«إني لأراكم من وراء ظهري» .
[بعض فوائد الحديث:]
[الفائدة الأولى:]
كثرة المعجزات التي أيد الله سبحانه وتعالى بها نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذه واحدة من أجل تلك المعجزات، وهي أنه صلى الله عليه وسلم يرى من وراء ظهره. وإليك بعض حكم هذه الرؤية:
١- إظهار الله للناس فضله وتأييده لنبيه صلى الله عليه وسلم، وإظهار مكانته على الأولين والآخرين، وذلك بخرق العادات الكثيرة له، ومنها أنه يرى من وراء ظهره كما يرى من أمامه، وأقول: إن الرؤية من الأمام والخلف تستوي في حقه صلى الله عليه وسلم؛ لأن الحديث بدأ بقوله:
«هل ترون قبلتي هنا» وهو سؤال يستنكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم على من يظن أنه يرى الذي أمامه فقط، واختتم حديثه بقوله:«إني لأراكم من وراء ظهري» ، وهذا الإظهار لفضل الله، ليزداد الذين آمنوا إيمانا، إيمانا بقدرة الله على خرق العادات والنواميس، وأن هذه العادات والنواميس إنما هي ملزمة للناس فقط، ولا يمكن عقلا أن تكون ملزمة للذي خلقها، كما يزداد الذين آمنوا إيمانا بنبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم وهذه الحكمة هي حكمة مشتركة في جميع المعجزات.
٢- تطمين الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم أن الله ناصره ومؤيده بمعجزة ملازمة له، يراها ويشعر بها صباحا ومساء.
٣- إطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على ما يحدث خلفه، كإطلاعه على خشوع أصحابه، رضي الله عنهم، في الصلاة، وكذا جميع حركاتهم وسكناتهم، فقد يحتاج الأمر إلى تصويبها وتعديلها، وتنبه أخي القارئ إلى أن رؤيته صلى الله عليه وسلم توسع دائرة تكليفه من حيث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو لا يكلف بالذي يراه أمامه فحسب، بل بما يراه من خلفه أيضا.
كما أن رؤيته صلى الله عليه وسلم من وراء ظهره، تضمن له ألا يغتال غيلة، كما يزيده شجاعة وإقداما، على عدوه في الحروب، وهو ما كان يحدث بالفعل.
[الفائدة الثانية:]
في كيفية تلك الرؤية، فقد ذكر ابن حجر، رحمه الله، في الفتح عدة أقوال عن غيره من العلماء، وقد أبطلها جميعا بدون محاجة أصحابها، ولذلك أحب أن أسردها هنا وأذكر حجتي في إبطالها فأقول وبالله التوفيق:
١- الرأي الأول: انطباع الصورة في حائط الجدار الذي أمامه صلى الله عليه وسلم، وهذا مردود عليه، بأنه لن يرى طالما ليس أمامه جدار، والحديث لم يقيد الرؤية بالجدار أو غيره، بل لم