للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ [التّوبة: ١١١] .

هذا، وقد حذر الله عز وجل المؤمنين من مغبة المعاصي ورغّبهم في التوبة منها، حتى لا يقع عليهم العذاب، قال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ [التّحريم: ٦] .

أما الملائكة فقال في حقهم: يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ [الأنبياء: ٢٨] ، والخشية هي الخوف مع المحبة والإجلال، ومُشْفِقُونَ أي وجلون من ربهم، وهم الذين لا يعصون الله ما أمرهم فهم مجبولون على الطاعة والتسبيح، وقال تعالى: يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ [النّحل: ٥٠] .

فهل بعد بيان الله من بيان؟!، وهل يتجرأ أحد أن يظن أنه أفضل من الصحابة في فهم نصوص الكتاب والسنة، أو أنه أتقى لله منهم، وأنه يعبد الله بعبادة الحب التي هي في ظنه أفضل من الخوف والرجاء؟! حتى قال أحدهم: لو بنى الله لي خيمة في النار فأدخلها وأنا عنه راض. وقال الآخر: اللهم إن كنت أعبدك طمعا في جنتك فلا تدخلنيها أبدا، وإن كنت أعبدك خوفا من نارك فأدخلنيها.

أقول: ما هذه الجرأة على الله عز وجل، وما هذه الاستهانة بالجنة أو بالنار، ألم يسمعوا ما قاله الله في القرآن الكريم على لسان الخليل إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- وهو أفضل الخلق بعد نبينا؟!: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ [الشّعراء: ٨٢] ، وذلك خوفا من عقوبتها وهو من هو. وقال تعالى على لسانه أيضا: وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ [الشّعراء: ٨٥] .

فالحاصل أن أهل السنة يعبدون الله عز وجل حبّا في الله وبما أنعم عليهم من النعم العظيمة والآلاء الجسيمة، كما أنهم يعبدونه ويتوسلون له ويتذللون لعظمته آناء الليل وأطراف النهار لينالوا المرغوب فيه وهو الجنة، وينجوا من المرهوب منه وهو النار.

ط- نور أسيد وعباد بن بشر:

عن أنس رضي الله عنه: (أنّ رجلين خرجا من عند النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في ليلة مظلمة وإذا نور بين أيديهما حتّى تفرّقا فتفرّق النّور معهما، وقال معمر عن ثابت عن أنس: إنّ أسيد بن حضير ورجلا من الأنصار. وقال حمّاد: أخبرنا ثابت عن أنس: كان أسيد بن حضير

<<  <  ج: ص:  >  >>