للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضكم على بعض، واشهدوا على أممكم بذلك، وأنا معكم من الشاهدين عليكم وعليهم، وفي هذا أن الله أخذ الميثاق على كل نبي أن يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأخذ الميثاق على أمم الأنبياء بذلك) . انتهى.

[بعض فوائد الآية الكريمة:]

[الفائدة الأولى:]

إرادة الله سبحانه وتعالى إظهار فضل نبينا صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء كلهم جميعا، إذ أخذ عليهم العهود والمواثيق أن ينصروه ويتبعوه، كما ذكر في تفسير الآية.

فإن قال قائل: إذا كان هذا الميثاق قد أخذه الله سبحانه وتعالى على جميع الأنبياء فلماذا فضّل النبي صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء بهذا الميثاق؟ قلت: فضل الله تبارك وتعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم في أخذ هذا الميثاق أظهر مقارنة بإخوانه من الأنبياء، وذلك لسببين:

السبب الأول: إذا كان كل نبي أخذ الله عليه العهد بنصرة من يدرك من الأنبياء، فإن نبينا صلى الله عليه وسلم، هو خاتم الأنبياء والمرسلين، فلن يبعث معه ولا بعده نبي آخر، لذلك أقول: إنه لم يؤخذ عليه هذا الميثاق، ولو فرض- على سبيل الفرض- أنه أدرك نبيّا آخر فسيكون هو صلى الله عليه وسلم المتبوع المنصور وليس التابع الناصر. ألم تر أنه صلى الله عليه وسلم صلى بالأنبياء إماما ليلة الإسراء؟!.

السبب الثاني: إذا كان الله تبارك وتعالى قد أخذ الميثاق على كل نبي بنصرة من سيأتي بعده من الأنبياء، علمنا أن الأنبياء كلهم جميعا قد أخذ عليهم العهد بنصرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث إنه صلى الله عليه وسلم آخرهم بعثة، فيكون هذا من دلائل فضله صلى الله عليه وسلم. قال الشيخ السعدي- رحمه الله-: (وعموم ذلك أنه أخذ على جميعهم الميثاق بالإيمان والنصرة لمحمد صلى الله عليه وسلم) «١» .

[الفائدة الثانية:]

من مظاهر اعتناء الله عز وجل بنبيه صلى الله عليه وسلم، أن جعل العهد الذي أخذه على الأنبياء بالإيمان به ونصرته في غاية التوكيد، يتبين ذلك من:

١- تسمية العهد (ميثاق) ، وهي كلمة تدل على إحكام العهد وشدته والمبالغة في تعظيمه.

٢- ذكرهم الله عز وجل بمنته عليهم، إذ أعطاهم الكتاب والحكمة، ليرغبهم في الوفاء بهذا الميثاق فيكونوا أشد حرصا على الالتزام به. قال الشيخ السعدي- رحمه الله-:

(هذا إخبار منه تعالى أنه أخذ عهد النبيين وميثاقهم كلهم بسبب ما أعطاهم ومنّ به عليهم


(١) انظر تفسير السعدي (١/ ١٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>