وأضيف أن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن لأمته أمر تحريم مكة بعد حلّها في اليوم التالي للفتح مباشرة، مما يدلل على أهمية الأمر، ورد في الحديث:(قام به النبي صلى الله عليه وسلم الغد من يوم الفتح) ، وكأنه صلى الله عليه وسلم خاف أن يعتقد الناس أن أمر الترخص بالقتال بمكة أمر مستمر.
[الفائدة الثالثة:]
التأدب مع الإمام أو من ينوب عنه، قال الإمام ابن حجر:(ويستفاد منه حسن التلطف في مخاطبة السلطان ليكون أدعى لقبولهم النصيحة، وأن السلطان لا يخاطب إلا بعد استئذانه ولا سيما إذا كان أمر يعترض به عليه، وترك ذلك والغلظة له قد يكون سببا لإثارة نفسه ومعاندة من يخاطبه)«١» . ورد في الحديث:(ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولا) .
[الفائدة الرابعة:]
أفادنا الصحابي الجليل، أبو شريح الخزاعي، بأفضل وسائل تحمل العلم وأتمها، وهي السماع بالأذن وحضور القلب ورؤية المعلم بالعين، ورد في الحديث:
(سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي) . وينبني على ذلك: أن تخلف حاسة من تلك الحواس يؤثر سلبا على استيعاب العلم وتحصيله.
١٦- إنزال الكتاب منجما:
مما اختص الله- سبحانه وتعالى- به نبيه صلى الله عليه وسلم دون سائر الأنبياء والمرسلين، أن أنزل عليه الكتاب العظيم، القرآن الكريم، منجما على حسب الأحداث والوقائع، وما كان ذلك إلا عناية بقلب النبي صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا [الفرقان: ٣٢] .
[بعض فوائد الآية الكريمة:]
[الفائدة الأولى:]
إرادة الله- عز وجل- تعظيم هذا الكتاب الكريم، ورفع منزلته على جميع الكتب السماوية المنزلة من لدنه جل في علاه، فكان من أوجه العناية به، أن الله- عز وجل- اختصه دون غيره بأحسن طرق التنزيل، وهو التنزيل على مراحل، ومن بركة هذه الطريقة أن تكون قلوب المؤمنين أوعى لحفظه وفهمه، والدليل من الآية الكريمة أن الكتب السابقة قد نزلت كلها دفعة واحدة، أن الله- عز وجل- رد على شبهة الكفار بعدم نزول القرآن جملة واحدة، بأن هذا كان لغرض تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كانت الكتب السابقة