للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جميع أنواع الصبر، فلا يحرم من قوله- تعالى-: إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ [الزمر: ١٠] .

[الفائدة السابعة:]

حبه صلّى الله عليه وسلّم للقاء ربه وحسن ظنه به عز وجل، ورد في حديث عائشة. رضي الله عنها.:

«وجعل يقول: في الرفيق الأعلى» أما حسن ظنه بربه عز وجل، فقد ورد في الحديث قوله صلّى الله عليه وسلّم لفاطمة. رضي الله عنها.: «ليس على أبيك كرب بعد اليوم» «١» . وروى الشيخان عن عائشة قالت: كنت أسمع أنّه لا يموت نبيّ حتّى يخيّر بين الدّنيا والآخرة، فسمعت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول في مرضه الّذي مات فيه وأخذته بحّة يقول: «مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ...

الآية؛ فظننت أنّه خيّر» «٢» .

ويتفرع عليه: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لن يصيبه أدنى فزع أو مكروه، بعد وفاته، سواء في قبره صلّى الله عليه وسلّم أو عند النفخ في الصور، أو عند الحساب وتطاير الصحف. لقوله: «ليس على أبيك كرب بعد اليوم»

[الفائدة الثامنة:]

تعظيم الرسول صلّى الله عليه وسلّم في نفوس أهل بيته. رضي الله عنهم. حيث قالت فاطمة.

رضي الله عنها.: «يا أنس، أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم التراب» «٣» .

فكأنها. رضي الله عنها. تريد أن تقول له: كيف استطعتم أن تعاملوا النبي صلّى الله عليه وسلّم كما تعاملون غيره من البشر بإهالة التراب عليه؟! أو: كيف طاوعتكم أنفسكم أن تسلكوا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم مسلكا يخالف ظاهره الأدب؟!

وقد تكون استعظمت قيام الصحابة بإحثاء التراب؛ لأنه كالإعلان منهم أن هذا هو آخر العهد. في الدنيا. بالحبيب والخليل صلّى الله عليه وسلّم.

قال الإمام ابن حجر- رحمه الله-: «أشارت. عليها السّلام. بذلك إلى عتابهم على إقدامهم على ذلك؛ لأنه يدل على خلاف ما عرفته عنهم من رقة قلوبهم عليه لشدة محبتهم، وسكت أنس عن جوابها رعاية لها ولسان حاله يقول: لم تطب أنفسنا بذلك إلا أنا قهرناها على فعله امتثالا لأمره» «٤» .


(١) أخرجه البخاري، كتاب: المغازي، باب: مرض النبي صلّى الله عليه وسلّم، برقم (٤٤٦٢) .
(٢) أخرجه البخاري، كتاب: المغازي، باب: مرض النبي صلّى الله عليه وسلّم ووفاته، برقم (٤٤٣٥) .
(٣) سبق تخريجه.
(٤) انظر فتح الباري (٨/ ١٤٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>