للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدّمت وما أخرّت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدّم، وأنت المؤخّر، لا إله إلّا أنت- أو لا إله غيرك-» «١» .

الشّاهد في الحديث:

كل جملة، بل كل كلمة في الحديث تنضح بحسن ثناء النبي صلى الله عليه وسلم على الله جل في علاه، كما سيأتي في الفوائد- إن شاء الله تعالى.

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

مظاهر ثناء النبي صلى الله عليه وسلم على ربه:

١- إثبات أن الحمد كله لله، والحمد هو الثناء على الله بصفات الكمال والجمال، وبأفعاله الحميدة الدائرة بين الفضل والعدل، قال الإمام القرطبي في تفسير الفاتحة:

(الحمد في كلام العرب: معناه الثناء الكامل، والألف واللام لاستغراق الجنس من المحامد، فهو سبحانه يستحق الحمد بأجمعه؛ إذ له الأسماء الحسنى والصفات العلا) «٢» .

٢- إثبات أن الله- سبحانه وتعالى- هو القائم على أمر السماوات والأرض فهو- سبحانه وتعالى- الذي يحفظهما ويدبر أمرهما ويتولى رعايتهما، بل هو الذي يمسك السماوات والأرض أن تزولا، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً [فاطر: ٤١] .

ويحفظ السماوات أن تقع على الأرض قال تعالى وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ، كما أن الله قائم على أمر السماوات والأرض، فهو قائم أيضا على أمر من في السماوات والأرض، من أجرام سماوية وكائنات حية وبحار ومحيطات، منها ما نعلمه وكثير منها لا نعلمه.

وأقول: إن أجناس هذه الكائنات والمخلوقات لا يمكن حصرها أنواعا فضلا عن حصرها أعدادا، وتدبر أخي القارئ قدرتنا بالنسبة لقدرة الخالق البارئ، فنحن لا نستطيع أن نحصر الكائنات الحية أنواعا أو أعدادا، مجرد حصر فقط، على كوكب واحد وهو الأرض، والله- عز وجل- يحصرها أعدادا أو أصنافا، بل يقدر آجالها وأعمالها وأرزاقها، ويعلم مستقرها ومستودعها، ويرى مكانها ولا يخفى عليه حالها، يسمع كلامها باختلاف لهجاتها، ولا يشغله سبحانه أمر كوكب عن كوكب.


(١) البخاري، كتاب: الجمعة، باب: التهجد بالليل، برقم (١١٢٠) ، واللفظ له، ومسلم، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (٧٦٩) .
(٢) الجامع لأحكام القرآن (١/ ١٣٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>