للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث صحبة النبي صلّى الله عليه وسلّم في السفر وكذا صحبته لأبي بكر وعمر وعثمان حتى توفاهم الله- سبحانه وتعالى-، كما أن من فقهه رضي الله عنه أنه كان يرى أن في أعمال الخلفاء الراشدين سنة متبعة، ولولا ذلك ما استدل على قوله بفعلهم، ولما ذكر فعلهم بعد ثبوت فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم كما أن من فقهه وأدبه أيضا أنه ذكر الخلفاء الراشدين بحسب فضلهم، وحب النبي صلّى الله عليه وسلّم لهم، حيث ذكر أبا بكر ثم عمر ثم عثمان رضي الله عنهم جميعا، فلم يبدأ مثلا بأبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

وذكر جميع شواهد كمال متابعة الصحابة رضي الله عنهم للنبي صلّى الله عليه وسلّم يحتاج إلى مؤلف خاص ولكن يطيب لي أن أختم الباب بما رواه البخاري عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: (ما تركت استلام هذين الرّكنين في شدّة ولا رخاء منذ رأيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يستلمهما) . قلت لنافع: (أكان ابن عمر يمشي بين الرّكنين قال: إنّما كان يمشي ليكون أيسر لاستلامه) «١» .

٤- كراهة مخالفته صلّى الله عليه وسلّم ولو في الهيئة

عن عبد الله رضي الله عنه قال: (صلّيت مع النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليلة، فلم يزل قائما حتّى هممت بأمر سوء. قلنا: وما هممت؟ قال: هممت أن أقعد وأذر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم) «٢» .

[الشاهد في الحديث:]

قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (هممت أن أقعد وأذر النبي صلّى الله عليه وسلّم قائما) .

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

همة النبي صلّى الله عليه وسلّم في العبادة والتي منها القيام الطويل جدّا في صلاة الليل، وقد بينت طرفا من تلك الهمة العالية في باب مستقل سميته: (همته العالية صلّى الله عليه وسلّم) .

[الفائدة الثانية:]

في مناقب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

١- تشرّفه رضي الله عنه بالصلاة مع النبي صلّى الله عليه وسلّم قيام الليل وليس معهما أحد، وكفى بذلك شرفا وفضلا.

٢- صبره على التعب الذي أصابه من طول القيام وتحامله على نفسه حتى أتم الصلاة قائما.


(١) البخاري، كتاب: الحج، باب: الرمل في الحج والعمرة، برقم (١٦٠٦) .
(٢) البخاري، كتاب: الجمعة، باب: طول القيام في صلاة الليل، برقم (١١٣٥) ، ومسلم، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، برقم (٧٧٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>