للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأكل مما يليه؟ أقول: يمكن أنه فعل ذلك لسببين:

الأول: أنه أراد أن تمس يده الشريفة جميع القصعة فتحل فيها البركة.

الثاني: أنه يعلم أن جليسه لن يتقزز من ذلك بل يحبه، فكان يفعله بغير حرج، بعكس غيره فقد يتأفف الناس منه.

[الفائدة الثانية:]

إيثار الصحابة لرسول الله، حيث إن أنسا لما رأى النبي يتتبع الدباء، تركه له ولم يطعمه.

[الفائدة الثالثة:]

على المسلم الذي يحرص على محبة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ويريد أن يناله هذا الشرف العظيم، أن يحب ما كان يحبه النبي صلّى الله عليه وسلّم، سواء كان ذلك في أمر من أمور الدنيا أو الدين، ما أمرنا به وما لم نؤمر، لأن ذلك يساعد المسلم على أن يتشرّب قلبه بحبه صلّى الله عليه وسلّم.

١٠- حب مرافقته والقرب منه صلّى الله عليه وسلّم

[المثال الأول:]

عن عمرو بن ميمون الأوديّ قال: (رأيت عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال:

يا عبد الله بن عمر اذهب إلى أمّ المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- فقل: يقرأ عمر بن الخطّاب عليك السّلام، ثمّ سلها أن أدفن مع صاحبيّ. قالت: كنت أريده لنفسي فلأ وثرنّه اليوم على نفسي، فلمّا أقبل. قال له: ما لديك؟ قال: أذنت لك يا أمير المؤمنين. قال: ما كان شيء أهمّ إليّ من ذلك المضجع، فإذا قبضت فاحملوني ثمّ سلّموا ثمّ قل: يستأذن عمر بن الخطّاب، فإن أذنت لي فادفنوني وإلّا فردّوني إلى مقابر المسلمين، إنّي لا أعلم أحدا أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النّفر الّذين توفّي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو عنهم راض) «١» .

[الشاهد في الحديث:]

قول عمر رضي الله عنه: (ثم سلها أن أدفن مع صاحبي) .

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

مناقب عمر رضي الله عنه:

١- توقيره لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ويتمثل ذلك في:

أ- ذكرها بصفتها قبل اسمها، وهذا من باب التوقير لأمهات المؤمنين، الذي أمرنا الله به، قال تعالى: النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ [الأحزاب: ٦] ، وشاهده من الحديث: (يا عبد الله بن عمر اذهب إلى أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها-) .


(١) البخاري، كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في قبر النبي صلّى الله عليه وسلّم، برقم (١٣٩٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>