للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يدل على حبهم الشديد. رضي الله عنهم. للنبي صلّى الله عليه وسلّم عدم تصديق الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه لخبر الوفاة، وهو القوي الشديد، فقد ورد في حديث أخرجه البخاري عن عائشة. رضي الله عنها.: «فقام عمر يقول: والله ما مات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقال: والله ما كان يقع في نفسي إلا ذاك وليبعثنه الله» فلم يصدق رضي الله عنه أنه لن يرى الحبيب بعد اليوم فصبر نفسه بأمل ولو ضعيف، وهو أن الله عز وجل قد رفعه كما رفع عيسى، وسيبعث مرة أخرى» .

[الفائدة الثالثة عشرة:]

إذا كان المسلمون قد حزنوا حزنا شديدا على وفاة معلمهم الخير صلّى الله عليه وسلّم فإن واحدة فقط قد انقلب حزنها فرحا وسرورا، ليس لوفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم، بل لأن انقطاعها عنه لن يدوم طويلا، وبقاءها في الدنيا بدون رؤيته صلّى الله عليه وسلّم سيكون قليلا، بل قد ضمنت أعظم من ذلك وأجمل، ضمنت مرافقته في الفردوس الأعلى، وهي فاطمة. رضي الله عنها.، روى الشيخان عن عائشة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعا فاطمة ابنته فسارّها فبكت ثمّ سارّها فضحكت فقالت عائشة:

فقلت لفاطمة: ما هذا الّذي سارّك به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فبكيت ثمّ سارّك فضحكت قالت:

سارّني فأخبرني بموته فبكيت ثمّ سارّني فأخبرني أنّي أوّل من يتبعه من أهله فضحكت» «١» .

وهذا من عجائب حبهم للنبي صلّى الله عليه وسلّم أن يفرح العبد ويضحك لما يعلم قرب أجله وفراقه للدنيا، وماذا في الدنيا يحرص عليه المسلم بعد فراق النبي صلّى الله عليه وسلّم؟ وما أعذب الموت وأجمله إن كان بعده لقاء الحبيب صلّى الله عليه وسلّم.

قال الإمام ابن حجر. رحمه الله.: «هذه معجزة ظاهرة له صلّى الله عليه وسلّم، بل معجزتان، فأخبر ببقائها بعده، وبأنها أول أهله لحوقا به، ووقع كذلك، وضحكت سرورا بسرعة لحاقها، وفيه إيثارهم الآخرة وسرورهم بالانتقال إليها والخلاص من الدنيا» «٢» .

[الفائدة الرابعة عشرة:]

وهي متفرقات مهمة تحيط بوفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم وآخر كلامه ووصاياه:

١- في أي الأيام مات الحبيب صلّى الله عليه وسلّم؟:

مات النبي صلّى الله عليه وسلّم في يوم اثنين؛ لما رواه البخاري عن الزّهريّ قال: أخبرني أنس بن مالك


(١) رواه مسلم، كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل فاطمة بنت النبي صلّى الله عليه وسلّم، برقم (٢٤٥٠) .
(٢) انظر فتح الباري (٨/ ١٣٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>