للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الشاهد في الحديث:]

قول عتبان بن مالك رضي الله عنه: (وددت يا رسول الله أنك تأتيني فتصلي في بيتي فأتخذه مصلى) .

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

عظيم بركة النبي صلّى الله عليه وسلّم حيث لم تقتصر هذه البركة على ما خرج منه فحسب، مثل: العرق، والتفل، والمجّة، والريق، والشّعر، والماء الذي خرج من بين أصابعه صلّى الله عليه وسلّم بل تعدت تلك البركة إلى المكان الذي لامسه والتصق جسده به، والمكان الذي تعبد فيه لله- سبحانه وتعالى-، ولولا ثبوت هذه البركة ما لبى النبي صلّى الله عليه وسلّم طلب عتبان بن مالك رضي الله عنه بالحضور إلى بيته والصلاة فيه ليتخذه عتبان مصلى له، وترى كذلك أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لما دخل البيت لم يصلّ في أي مكان، بل سأل عتبان رضي الله عنه أين تحب أن أصلي من بيتك؟

ليختار عتبان المكان المناسب الذي سيتمكن من التزامه في كل صلاة، ويتفرع على ما ذكره الفائدة التالية.

[الفائدة الثانية:]

المكان الذي تعبد فيه النبي صلّى الله عليه وسلّم هو أحب إلى الله من المكان الذي لم يتعبد فيه صلّى الله عليه وسلّم وكذا التقرب إلى الله في مكان تقرب فيه النبي صلّى الله عليه وسلّم أرجى لقبول تلك العبادة عند الله، بل نجزم أن ثوابها أعظم، ودليله: أن عتبان بن مالك رضي الله عنه لما عجز عن أداء بعض الصلوات جماعة في المسجد لضعف بصره، ولشعوره أن أجر الجماعة في المسجد.

خاصة أنه كان إماما لقومه. قد يفوته لصلاته في بيته، طلب من النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يصلي له في بيته، فيتخذ ذلك المكان مصلى له، فيعظم أجره لصلاته في نفس المكان الذي تشرف بصلاة النبي صلّى الله عليه وسلّم فيه- فإن اعترض أحد وقال: ما وجه دلالة هذا الاستنباط؟ قلت له: إن عتبان رضي الله عنه لم يطلب هذا الطلب من الرسول صلّى الله عليه وسلّم قبل ضعف بصره، مع أنه كان من المؤكد يصلي في بيته ولو بعض النوافل، كما لم يطلب منه أن يأتي إلى مسجده فيصلي فيه مرة، حتى يتخذ تلك البقعة في المسجد مصلى له، وإنما طلب هذا الطلب لما اضطر إلى الصلاة في البيت بعض الفرائض التي يعجز أن يصليها في المسجد.

[الفائدة الثالثة:]

مشروعية أن يتحرى المسلم الأماكن التي ثبت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم تعبد فيها ويقصد الصلاة فيها طمعا أن ينال بركة النبي صلّى الله عليه وسلّم وينوي بذلك التقرب إلى الله عزّ وجلّ.

ومثاله الحجر الأسود الذي ثبت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قبّله، وكذا الأماكن التي ثبت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم صلّى فيها بمسجده الشريف كمكان المنبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>