للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهؤلاء في كلام معجز يفهمه كل أحد: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤) [الملك: ١٤] ، كما قال تعالى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (٨) [التين: ٨] .

الثالثة: أن الله عزّ وجلّ قد ظلم العباد، وذلك بتكليفهم تطبيق ما لا يجلب لهم النفع، ويرفع عنهم الضر، والمسلم ينزه الله عزّ وجلّ عن كل ذلك.

٥- والذي يقول: (أحكّم عقلي حتى أقتنع) ، قد حكم على نفسه بقلة العقل لأسباب منها:

أ- أن الناس كلهم جميعا قد علموا أن العقل لا يتدخل إلا في وجود الاختيارات والبدائل وأمور الدين ليس فيها اختيارات ولا بدائل.

ب- هو كالذي ينظر إلى الشمس ضحى فيقول: لن أؤمن أن الشمس ساطعة، إلا إذا تأملت وتفكرت، وإذا سمع من يقول هذا، رمي بالجنون، وذلك أن أحكام الشرع أبلغ وأسطع، في موافقتها للعدل والحكمة من الشمس في رابعة النهار.

ج- هو يكذب نفسه كيف يدعي أنه يؤمن بالله ثم يطلب الدليل العقلي على كل ما يقوله الله- سبحانه وتعالى- ويحكم به.

[خاتمة المسألة]

وأختم هذه المسألة بأن أسرّ في أذن الذي يريد أن يحكم عقله بكلمات موجزة:

الثواب من الله الذي ترجوه أنت ويرجوه كل المسلمين إنما يكون بالإيمان بالغيب، والإيمان بحكمة الله في الأمور كلها، ما علمناه وما لم نعلمه، ما أدركته عقولنا وما لم تدركه؛ لأننا آمنا بالله وسلمنا لحكمته، وأعلنا تذلّلنا وخضوعنا له، فإذا أردت تحكيم العقل فإنك لم تؤمن بغيبيات وإنما آمنت بما دلك عليه العقل، كما أعلنت عدم تسليمك وإيمانك بحكمة الله في كل شيء، فعلى ماذا تريد أن تفوز بالثواب؟!.

أسألك أخي الكريم، أتجادل رئيسك في كل أمر من أوامره وتقول له: أريد الاقتناع والحجة؟ بالطبع لا، وإن جادلت وقلت: نعم أفعل! أقول لك: أيصبر عليك مديرك على هذا الأسلوب أم يفصلك من العمل لسوء خلقك؟ وإن فعلت هذا مع المخلوق؟ فثق أن هذا لا يصلح مع الخالق- جل وعلا-؛ لأنه- سبحانه وتعالى- غني عن هذا العبد الذي لا يتأدب معه.

أقول لأخي الكريم: أن كثيرا من أمور الدين لا يمكن إدراكها بالعقول، بل لا مجال للعقل أصلا فيها ومن أمثلة ذلك: المغرب لماذا هو ثلاث ركعات، والعصر أربع؟

<<  <  ج: ص:  >  >>